وقولكم: يجوز أن يكون أراد المغرب؛ فغلط؛ لأنه قد جمع بينهما في الذكر فقال:"صلى المغرب، ثم قال: صلى عشاء الآخرة"(١).
فإن قيل: قوله: "صلى عشاء الآخرة حين غاب الشفق"؛ ظاهره يقتضي جميع ما يقع عليه اسم شفق.
قيل: هذا لا يقتضيه الظاهر؛ لأنه إذا قيل:"عند غيبوبة الشفق"، و"حين غاب الشفق"؛ لا بد أن تكون الإشارة إلى واحد، وأن الصلاة وقعت عنده.
دليل: وهو ما روى النعمان بن بشير "أن النبي ﵇ صلى العشاء الآخرة لسقوط القمر لثلاث، وقد قيل: لأربع"(٢).
والشفق الذي هو البياض لا يغيب إلا بعد ذلك (٣).
فإن قيل: يجوز أن يكون للجمع.
قيل: قد مضى الجواب عنه، وقلنا أيضًا: إنكم لا تقولون بالجمع، مع أن لفظة "كان" يستعمل في الدوام (٤).
(١) تقدم ما فيه آنفًا. (٢) أخرجه أحمد (٤/ ٢٧٤) أبو داود (٤٤٥) الترمذي (١٦٥) والنسائي (٥٢٨) وصححه ابن العربي في العارضة (١/ ٢٧٧). وقوله: "لأربع" أخرجه أحمد أيضًا (٤/ ٢٧٤) والدارقطني (١/ ٢٧٠) وقال: "الشك من شعبة". (٣) قلنا: البياض يغيب في الليلة الثالثة قبل غيبوبة القمر، فلم يكن فيما قالوه دلالة. التجريد (١/ ٣٩٧). (٤) قال القرافي: "العموم في هذه المسألة ليس هو على بابه، بل المراد التكرار في الزمن الماضي =