فَأَبصرتْ عَيْنَايَ رَسُولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - عَلَى وَجْهِهِ أثَرُ الماءِ والطِّينِ مِنْ صُبْحِ إحْدَى وعِشريِن (١).
أما قوله:"كان يَعْتَكِفُ العَشْرَ الأَوْسَطَ"، هكذا هو في جميع الروايات: الأوسط، والمشهور في الاستعمال تأنيث العشر، باعتبار الليالي، كما قال في أكثر الأحاديث: العشر الأواخر، وتذكيره أيضًا لغة صحيحة باعتبار الأيام، أو الزمان، أو الوقت، ويكفي في صحتَّها ثبوتُ استعمالها في الأحاديث الصَّحيحة.
وقوله:"فَمَطَرَتِ السَّمَاءُ"، يقال: مطرت السَّماء، وأمطرت، لغتان صحيحتان في المطر، وتقدَّم ذلك في باب الاستسقاء.
قوله:"وَكَانَ المَسْجِدُ عَلَى عَرِيشٍ"، العريش: سقف البيت، وكذلك عرشه، وكلُّ ما يُستظلُّ به يقال له: عرش، وعريش، والمراد في:"كان بسقف بيت المسجد" وكان سقف المسجد على عريش - على حذف المضاف -.
قوله:"فَوَكَفَ المَسْجِدُ"؛ أي: قطر ماء المطر من سقفه. يقال: وكف البيت يَكِف وَكْفًا ووُكوفًا: إذا قطر، ووكف الدَّمع وَكيفًا ووَكفانًا ووَكْفًا: بمعنى قطر (٢).
وفي هذا الحديث: دليل على جواز قول: رمضان، من غير إضافة شهر إليه.
وفيه: دليل على أنَّ الأولى إذا كان ذاكرًا الشيء ثمَّ نسيه، أنَّ يقول: أُنسيته، ولا يقول نسيته.
وفيه: دليل على استحباب الاعتكاف في رمضان، وأنَّ العشر الأوسط منه الاعتكاف فيه أفضل من الأول، وفي الآخر أفضل من الأوسط.
(١) رواه البخاري (١٩٢٣)، كتاب: الاعتكاف، باب: الاعتكاف في العشر الأواخر، ومسلم (١١٦٧)، كتاب: الصيام، باب: فضل ليلة القدر، وهذا لفظ البخاري. (٢) انظر: "غريب الحديث" لأبي عبيد (١/ ٢٩٤ - ٢٥٩)، و"النهاية في غريب الحديث" لابن الأثير (٥/ ٢١٩)، و"لسان العرب" لابن منظور (٩/ ٣٦٢)، (مادة: وكف).