والثاني: عكسه؛ حقيقة في الوطء، مجاز في العقد، وبه قال أبو حنيفة.
والثالث: أنه حقيقة فيهما بالاشتراك، والله أعلم (١).
* * *
[الحديث الأول]
عَنْ عَبدِ اللهِ بْنِ مَسْعُودٍ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- قَالَ: قَالَ لَنَا رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -: "يَا مَعشَرَ الشَّبَابِ! مَنِ اسْتَطَاعَ مِنكُمُ البَاءَةَ، فَلْيَتَزَوَّج؛ فَإِنَّهُ أَغَضُّ لِلْبَصَرِ، وَأَحْصَنُ لِلفَرْجِ، ومَن لَم يَستَطعْ، فَعَلَيْه بِالصَّوْمِ؛ فَإنَّهُ لَهُ وِجَاءٌ"(٢).
أما المعشر، فقال أهل اللغة: هم الطائفة الذين يشملهم وصف الشباب؛ فالشباب معشر، والأنبياء معشر، والشيوخ معشر، والنساء معشر، وكذا ما أشبه ذلك.
فالشباب: جمع شاب، ويُجمع على شُبَّان، وشَبَبة (٣).
والشاب عند الفقهاء من الشَّافعية: من بلغ ولم يجاوز ثلاثين سنة.
وأَمَّا الباءة؛ فأصلها في اللغة: الجِمَاع، وهي مشتقة من المباءة، وهي المنزل، ومن مباءة الإبل، وهي مواطنها، ثم قيل لعقد النكاح: باءة؛ لأنَّ من تزوَّج امرأةً، بَوَّأها منزلًا.
وفي الباءة، أربع لغات: الفصيحة المشهورة: الباءة: بالمد والهاء،
(١) وانظر في معاني النكاح لغة وشرعًا: "المُغرب" للمطرزي (٢/ ٣٢٧)، و"التعريفات" للجرجاني (ص: ٣١٥)، و "شرح مسلم" للنووي (٩/ ١٧١ - ١٧٢)، و "تحرير ألفاظ التنبيه" له أيضًا (ص: ٢٤٩)، و "لسان العرب" لابن منظور (٢/ ٦٢٦)، و"المصباح المنير" للفيومي (٢/ ٦٢٤)، و "المطلع على أبواب المقنع" لابن أبي الفتح الحنبلي (ص: ٣١٨)، و"فتح الباري" لابن حجر (٩/ ١٠٣). (٢) رواه البُخاريّ (٤٧٧٩)، كتاب: النكاح، باب: من لم يستطع الباءة فليصم، ومسلم (١٤٠٠)، كتاب: النكاح، باب: استحباب النكاح لمن تاقت نفسه إليه ووجد مؤنه. (٣) انظر: "العين" للخليل (١/ ٢٤٨)، و "لسان العرب" لابن منظور (٤/ ٥٧٢)، و "شرح مسلم" للنووي" (٩/ ١٧٢ - ١٧٣)، وعنه أخذ المؤلف - رحمه الله - مادته هذه.