فإن الأفضل راجح على الفاضل، فكيف بما دونه؟ لكن السنة بينت الأفضلية.
واستدلَّ الشافعي - رحمه الله - بهذه الآية على تحريم الاستمناء؛ حيث إنه غير داخل في الاستثناء من المحافظين لفروجهم؛ فإنه تعالى لم يستثن إلا الأزواج والسراري، دون خضخضة بيد وغيرها، والله أعلم.
ومنها: الأمر بالصوم للعاجز عن القيام بمأمورت النكاح.
ومنها: شرعية تعليل الحكم؛ فإنه - صلى الله عليه وسلم - علَّل الحكمة في الأمر بالصَّوْم له: فَإِنَّهُ لَهُ وِجَاء"؛ أي: قاطع لمشقة المكابدة لشهوة النكاح.
ومنها: الحثُّ على غضِّ البصر، وقد أمر الله تعالى ورسوله - صلى الله عليه وسلم - فقال تعالى:{قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ}، {وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ}[النور: ٣٠ - ٣١]، وقال - صلى الله عليه وسلم -: "غضوا أبصارَكُم واحفظُوا فُرُوجَكُم" (١).
ومنها: الحثُّ على تحصينِ الفرج بكل طريق أمر الشرع به.
ومنها: عدم التكليف بغير المستطاع، والله أعلم.
* * *
[الحديث الثاني]
عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ - رَضِيَ اللهُ عَنْهُ -: أَنَّ نَفَرًا مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - سَأَلُوا أَزْواجَ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - رَضِيَ اللهُ عَنْهُنَّ - عَنْ عَمَلِهِ في السِّرِّ، فَقَالَ بَعْضُهُمْ: لَا أَتزوَّجُ النِّساءَ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ: لَا آكُلُ اللَّحْمَ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ: لَا أَنَامُ عَلَى فِرَاشٍ، فبلغَ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم -، فَحَمِدَ اللهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ، وَقَالَ: "مَا بَالُ أَقْوَامٍ قَالُوا: كَذَا؟! لَكِنِّي أُصَلِّي وَأَنَامُ، وَأَصُومُ وَأُفْطِرُ، وَأَتزَوَّج النِّسَاءَ، فَمَنْ رَغِبَ عَنْ سُنَّتِي، فَلَيْسَ مِنِّي" (٢).
(١) رواه الطبراني في "المعجم الكبير" (٨٠١٨)، وابن حبان في "المجروحين" (٢/ ٢٠٤)، وابن عدي في "الكامل في الضعفاء" (٦/ ٢١)، والخطيب في "تاريخ بغداد" (٧/ ٣٩٢)، والسمعاني في "أدب الأملاء والاستملاء" (ص: ٣٩)، عن أبي أمامة - رضي الله عنه -. (٢) رواه البخاري (٤٧٧٦)، كتاب: النكاح، باب: الترغيب في النكاح، ومسلم (١٤٠١)، =