ومنها: أن الحيل المحرمة والمكروهة مفسدة للأموال، والله أعلم.
* * *
[الحديث الحادي عشر]
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ-: أَنَّ رَسولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ:"لَا يَمْنَعَنَّ جَارٌ جَارَهُ أَنْ يَغْرِزَ خَشَبَةً فِي جِدَارِهِ"، ثمّ يقولُ أَبُو هُرَيْرَةَ - رضي الله عنه -: مَا لِي أَرَاكُمْ عَنْهَا مُعْرِضِينَ؟! وَاللهِ لأَرْميَنَّ بِهَا بينَ أَكْتَافِكُمْ (١).
وَأَمَّا قولُه - صَلَّى الله عليه وسلم -: "خَشَبةً"؛ فروي بالإفراد، والجمع؛ أما رواية الإفراد: فقال الطحاوي، عن روح بن الفرج: سألت أبا زيد، والحارث بن مسكين، ويونس بن عبد الأعلى عنه، فقالوا كلهم:"خَشَبَةً" بالتنوين على الإفراد، وقال عبد الغني بن سعيد: كلُّ النَّاس يقولونه بالجمع، إلَّا الطحاوي، وقال القاضي عياض - رحمه الله -: روينا قوله: "خشبة" في "صحيح مسلم" وغيره من الأصول والمصنفات: "خشبةً" بالإفراد، و:"خَشَبَهُ" بالجمع (٢).
وقولُه:"لأَرْميَنَّ بِهَا بَينَ أكتَافِكُم"، الضمير في "بها" وبعده في "عنها"، عائد إلى غير مذكور لفظًا، بل معنى، وهو السنة، أو الخصلة، أو الموعظة، أو الكلمات، وفي "سنن أبي داود": فنكسوا رؤوسهم، فقال: ما لي أراكم أعرضتم؟! (٣).
وقوله:"أَكْتَافِكم": رُوي بالتاء المثناة فوق، وقال القاضي عياض - رحمه الله -: ورواه بعض رواة "الموطأ": أكنافكم -بالنون-؛ ومعناه: بينكم، والكنف: أيضًا الجانب، ومعنى رواية التاء المثناة فوق؛ أني أصرح بها بينكم،
(١) رواه البُخاريّ (٢٣٣١)، كتاب: المظالم، باب: لا يمنع جاره أن يغرز خشبه في جداره، ومسلم (١٦٠٩)، كتاب: المساقاة، باب: غرز الخشب في جدار الجار، وهذا لفظ البُخاريّ. (٢) انظر: "مشارق الأنوار" للقاضي عياض (١/ ٢٤٧)، و "شرح مسلم" للنووي (١١/ ٤٧). (٣) رواه أبو داود (٣٦٣٤)، كتاب: الأقضية، باب: أبواب من القضاء.