عَنْ عَبْدِ الله بْنِ عَباسٍ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُما- قَالَ: طَافَ النبي - صلى الله عليه وسلم - فِي حَجةِ الوَدَاعِ عَلَى بَعِيرٍ يَسْتَلِمُ الركْنَ بِمِحْجَنٍ (١).
إنما سميت حَجَّةَ الوَدَاعِ؛ لأَنَّ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - ودَّع النَّاس فيها، ولم يحجَّ بعد الهجرة غيرها، وكانت سنة عشر من الهجرة، وكره بعض العلماء أن يقال لها: حجَّة الوداع، وهذا غلط، والصَّواب جوازه؛ لهذا الحديث، وغيره من الأحاديث، ولم يزل السلف والخلف على جوازه واستعماله، والله أعلم.
وأمَّا المِحْجَن: فهو بكسر الميم، وسكون الحاء، وفتح الجيم، وهي عصًا محنيَّة الرأس، يتناول بها الرَّاكب ما سقط له، ويحرِّك بها بعيره للمشي.
والعلَّة في طوافه - صلى الله عليه وسلم - راكبًا؛ لكي يراه النَّاس مشرفًا؛ ليسألوه وليتعلموا أفعاله؛ ليتقيدوا بها، وليتبيَّن الجواز في الطّواف راكبًا.
وروى أبو داود في "سننه": أنَّه - صلى الله عليه وسلم - كان في طوافه هذا مريضًا (٢)، وإلى هذا أشار البخاريُّ في "صحيحه"، وترجم عليه "باب: المريض يطوف راكبًا"(٣)، فيحتمل أنه - صلى الله عليه وسلم - طاف راكبًا؛ لما ذكر جميعه، والله أعلم.
وفي هذا الحديث أحكام:
منها: جواز الطَّواف راكبًا.
ومنها: جواز استلام الحجر بِعُودٍ ونحوه، إذا عجز عن استلامه بيده، وليس في الحديث تعرُّض لتقبيله وعدمه.
(١) رواه البخاري (١٥٣٠)، كتاب: الحج، باب: استلام الركن بالمحجن، ومسلم (١٢٧٢)، كتاب: الحج، باب: جواز الطواف على بعير وغيره، واستلام الحجر بمحجن ونحوه للراكب. (٢) رواه أبو داود (١٨٨١)، كتاب: المناسك، باب: الطواف الواجب، والبيهقي في "السنن الكبرى" (٥/ ٩٩). (٣) انظر: "صحيح البخاري" (٢/ ٥٨٨).