وَفِي رِوَاية: قَالَ عُمَرُ: فَوَاللهِ مَا حَلَفتُ بهَا مُذ سَمِعتُ رَسُولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - نَهَى عَنْهَا ذَاكِرًا وَلَا آثِرًا (٢)؛ يَعنِي: حَاكِيًا عَنْ غَيرِي أَنَّهُ حَلَفَ بِهَا.
واعلم أن سبب النهي: أن قريشًا كانت تحلف بآبائها، وأدرك - صلى الله عليه وسلم - عمرَ -رَضِيَ الله عَنْهُ- في ركب وهو يحلفُ بأبيه، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "إنَّ اللهَ ينهاكم"، الحديث.
والحكمة في النهي عن الحلف بغير الله تعالى: أن الحلف يقتضي تعظيم المحلوف به، وحقيقةُ العظمةِ لله تعالى، لا يشاركه فيها أحد، ولهذا قال -سبحانه وتعالى- في الأحاديث الصحيحة المروية عنه -سبحانه-: "العَظَمَةُ إِزاري، والكِبْرِياءُ رِدائي، فَمَنْ نازَعَني فيها، عَذَّبْتُهُ"(٣)، وإذا كان كذلك، فلا يضاهى بالتعظيم غيرُه -سبحانه وتعالى-.
وقد جاء عن ابن عباس - رضي الله عنهما - قال: لأَنْ أحلفَ بالله مئة مرة فآثم، خيرٌ من أن أحلفَ بغيره فَأَبَرَّ (٤).
(١) رواه البُخَارِيّ (٥٧٥٧)، كتاب: الأدب، باب: من لم ير إكفار من قال ذلك متأَولًا أو جاهلًا، ومسلم (١٦٤٦)، (٣/ ١٢٦٧)، كتاب: الأيمان، باب: النهي عن الحلف بغير الله تعالى. (٢) رواه البُخَارِيّ (٦٢٧١)، كتاب: الأيمان والنذور، باب: لا تحلفوا بآبائكم، ومسلم (١٦٤٦)، (٣/ ١٢٦٦)، كتاب: الأيمان، باب: النهي عن الحلف بغير الله تعالى. (٣) تقدم تخريجه. (٤) انظر: "الاستذكار" لابن عبد البر (٥/ ٢٠٣)، و"شرح مسلم" للنووي (١١/ ١٠٥)، و"فتح =