أما الرجل المجامِع، فهو مبهَم في الروايات كلِّها، لا أعلم تسميتَه في رواية ولا نقل.
وقوله:"يا رسول الله! هلكت"؛ أي: وقعت في الإثم والمخالفة بفعل ما حرم علي فعلهُ في الصوم، وهو الجماع فيه، وفي لفظ لمسلم:"وَطِئْتُ امرأتي في رمضانَ نهارًا"، ورواه مسلم، وأبو داود في "سننه": أنه قال: "يا رسولَ الله! احترقتُ"(١)، وروي في بعض طرق الحديث الضعيفة:"هلكتُ وأهلكتُ"(٢)، واستدل بها بعضهم على مشاركة المرأة إياه في الجناية، واتفق الحفاظ على ضعفها، وأنها غير محفوظة، وبينوا من رواها ومن دخلت عليه، وضعفوه، والله أعلم.
قوله:"أُتي النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - بعرق فيه تمر"، العرق -بفتح العين والراء- في الرواية واللغة، وروي بإسكان الراء، وهو غلط أو ضعيف، وقد فسره في الحديث: المِكْتَل، وهو: بكسر الميم وفتح التاء المثناة فوق-، ويقال للعرق: الزبيل -بفتح الزاي من غير نون-، والزنبيل -بكسر الزاي وزيادة نون-، قال ابن دريد: سمي زبيلًا؛ لأنه يُحمل فيه الزِّبل، ويقال له: القُفَّة، والسفيفة -بفتح السين المهملة وبالفاءين-، والفَرَق عند الفقهاء: ما يسع خمسةَ عشرَ صاعًا، وهي ستون مُدًّا، لستين مسكينًا، لكل مسكين مد (٣).
قوله:"فوالله ما بين لابتيها"، اللابتان: الحَرَّتان، والمدينة بينَ حَرَّتين، والحرَّةُ: الأرض الملبسة حجارة سوداء إذا كانت بين جبلين، ويقال: لابة،
(١) رواه مسلم (١١١٢)، كتاب: الصيام، باب: تغليظ تحريم الجماع في نهار رمضان على الصائم، وأبو داود (٢٣٩٤)، كتاب: الصوم، باب: كفارة من أتى أهله في رمضان. ورواه البخاري أيضًا (٦٤٣٦)، كتاب: المحاربين، باب: من أصاب ذنبًا دون الحد فأخبر الإمام، فلا عقوبة عليه بعد التوبة إذا جاء مستفتيًا، كلهم من حديث عائشة - رضي الله عنها -. (٢) رواه الدارقطني في "سننه" (٢/ ٢٠٩)، والبيهقي في "السنن الكبرى" (٤/ ٢٢٧). (٣) انظر: "غريب الحديث" لأبي عبيد (١/ ١٠٥)، و"الزاهر" للأزهري (ص: ١٦٥)، و"شرح مسلم" للنووي (٧/ ٢٢٥).