جبل يوم القيامة أمامَ العلماء رَتْوَة" (١)، والرتوةُ -بفتح الراء، وبالمثناة فوق ساكنة، وبالواو مفتوحة، ثم هاء التأنيث-، ومعناها: الرمية بسهم، وقيل: بحجر؛ أي: يكون معاذ يوم القيامة أمام العلماء بمقدار مسافة الرمية بالسهم أو الحجر.
وعن فروة الأشجعي وغيره قال: كنت جالسًا مع ابن مسعود، فقال: إن معاذًا كان أُمَّة قانتا لله حنيفا ولم يكن من المشركين، فقلت: يا أبا عبد الرحمن! إنما قال الله: {إِنَّ إِبْرَاهِيمَ كَانَ أُمَّةً قَانِتًا لِلَّهِ حَنِيفًا}[النحل: ١٢٠]، فأعاد قوله: إن معاذًا، فلما رأيته أعادَ، عرفت أنه تعمَّد الأمر، فسكتُّ (٢).
وفي رواية قال: سمعتموني ذكرتُ إبراهيم؟ إنا كنا نشبه معاذًا بإبراهيم، قال فروة: فقال: أتدري ما الأمة وما القانت؟ قلت: الله أعلم، قال: الأمة: الَّذي يعلم الخير ويُؤتم به ويقتدى، والقانت: المطيع لله، وكذلك كان معاذ بن جبل معلمًا للخير، مطيعًا لله ولرسوله (٣).
وروي أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال له: "واللهِ يا معاذُ إِنِّي لأُحِبُّكَ"، قال: وأنا واللهِ أحبُّكَ يا رسولَ الله، الحديث (٤). وعن عبد الله بن كعب بن مالك - رحمه الله -
= في "صحيحه" (٧١٣١)، والحاكم في "المستدرك" (٥٧٨٤)، عن أنس بن مالك - رضي الله عنه -. (١) رواه ابن أبي عاصم في "الآحاد والمثاني" (١٨٣٣)، وابن عساكر في "تاريخ دمشق" (٥٨/ ٤٠٤)، عن عمر بن الخطاب - رضي الله عنه -. ورواه ابن سعد في "الطبقات الكبرى" (٢/ ٣٤٧)، وأبو نعيم في "حلية الأولياء" (١/ ٢٨٨)، عن محمد بن كعب القرظي، مرسلًا. وفي الباب: عن جابر بن عبد الله، وأنس بن مالك - رضي الله عنهما -. (٢) رواه ابن سعد في "الطبقات الكبرى" (٢/ ٣٤٩)، والطبراني في "المعجم الكبير" (٩٩٤٧)، والحاكم في (المستدرك) (٩٩٤٧)، وأبو نعيم في "حلية الأولياء" (١/ ٢٣٠)، وابن عساكر في "تاريخ دمشق" (٥٨/ ٤١٨). (٣) رواه ابن سعد في "الطبقات الكبرى" (٢/ ٣٤٩)، والطبراني في "المعجم الكبير" (٩٩٤٤)، وأبو نعيم في "حلية الأولياء" (١/ ٢٣٠)، وابن عساكر في "تاريخ دمشق" (٥٨/ ٤١٩). (٤) رواه النسائي (١٣٠٣)، كتاب: السهو، باب: نوع آخر من الدعاء، والطبراني في "المعجم =