والسرية: واحدة السرايا؛ وهي: الطائفة التي يبعثها الإمام من الجيش، قبل دخول الحرب، يبلغ أقصاها: أربع مئة، سُموا بذلك: لكونهم خلاصة العسكر، وخياره، مأخوذٌ من الشيء السَّرِيِّ؛ وهو النفيس، وقيل: لأنهم يبعثون سِرًّا وخُفية، وليس بالوجه؛ لأنَّ لام السر: راء، وهذه: ياء (١).
وأعلم: أن سورة {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} اشتملت على: اسمين من أسمائه تعالى يتضمنان جميع أوصاف كماله تعالى، لم توجد في غيرها، من جميع السور؛ وهو الأحدُ الصمدُ؛ فإنهما يدلان على: أحدية الذات المقدسة الموصوفة بجميع أوصات الكمال المعظمة، وبيانه:
أن الأحد، والواحد: وإن رجعا إلى أصل واحد لغة، فقد افترقا استعمالًا، وعرفًا؛ وذلك أن الهمزة من أحد، منقلبة عن الواو من وحد، قال النابغة:
فهما من الوحدة؛ وهي راجعة إلى نفي التعدد، والكثرة، غير أن استعمال العرب فيهما مختلف؛ فإن الواحد عندهم: أصل العدد، من غير تعرض لنفي ما عداه، والأحد: يثبت مدلوله، ويتعرض بنفي ما سواه.
ولهذا أكثر ما استعملته العرب في النفي، فقالوا: ما فيها أحد، ولم يكن له كفوًا أحد، ولم يقولوا: هنا واحد؛ فإن أرادوا الإثبات، قالوا: رأيت واحدًا من النَّاس، ولم يقولوا: هنا أحدًا.
وعلى هذا؛ فالأحد في أسمائه تعالى: مشعر بوجوده الخاص الذكره لا يشاركه فيه غيره؛ وهو المعبر عنه: بوجود الوجود، وربما عبر عنه بعض المتكلمين: بأخص وصفه.
(١) انظر: "النهاية في غريب الحديث" لابن الأثير (٢/ ٣٦٣). (٢) انظر: ديوانه، (ق ١: ٩)، (ص: ٦) من قصيدته المشهورة: يا دارَ ميَّة بالعلياء فالسَّندِ ... أقوت وطال عليها سالف الأبدِ إلَّا أن في الديوان قوله: "بذي الجليل" بدل "يوم الجليل".