ابن عباس - رضي الله عنهما - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "مَنْ سمعَ النداءَ فلم يُجِبْ؛ فلا صلاةَ له، إلَّا مِنْ عُذْرٍ"(١)؛ وفي هذا الحديث: أن الأمر بإتيان الجماعة أمر حتم، لا ندب؛ فتعين أن يكون الأمر الحتم على من سمع النداء: فرضَ عين، أو كفاية.
ثم الأعذار في ترك الجماعة؛ المنصوص عليها في السنة، عشرة:
الأول: المرض؛ بدليل تأخر النبي - صلى الله عليه وسلم - عنها في مرضه، وقد جعله - صلى الله عليه وسلم - علة في عدم تطويل الإمام الصلاة.
الثاني: حضور الطعام، خصوصًا عند توقان النفس إليه، وهو صائم؛ لقوله - صلى الله عليه وسلم -: "إذا قُرِّبَ العَشاءُ, وحضرتِ الصلاةُ؛ فابدؤوا بهِ قبلَ صلاة المغرب، ولا تَعْجَلوا عن عشائِكم"؛ حديث صحيح، على شرط الشيخين، من رواية أنس (٢).
الثالث: النسيان الذي يعترض الشخص في بعض الأحوال؛ للحديث الصحيح، عن أبي هريرة - رضي الله عنه -: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حين قَفَلَ من غزوة خيبر سارَ ليلةً، حتى إذا أدركه الكرى، عَرَّسَ، وقال لبلال:"اكلأ الليل"، فصلى بلال ما قدر له، ونام رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وبلال، وأصحابه؛ حتى طلعت الشمس، وقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "مَنْ نامَ عنْ صلاةٍ، أو نَسِيَها؛ فَلْيُصَلِّها، إِذا ذَكَرَها"(٣).
الرابع: السِّمَنُ المفرِط؛ للحديث الصحيح الذي رواه أنس - رضي الله عنه -: أن رجلًا من الأنصار كان ضخمًا؛ لا يستطيع حضور الجماعة مع
(١) رواه ابن ماجه (٧٩٣)، كتاب: المساجد والجماعات، باب: التغليظ في التخلف عن الجماعة، وابن حبان في "صحيحه" (٢٠٦٤)، والطبراني في "المعجم الكبير" (١٢٢٦٦)، وفي "المعجم الأوسط" (٤٣٠٣)، والدارقطني في "سننه" (١/ ٤٢٠)، والبيهقي في "السنن الكبرى" (٣/ ٥٧). (٢) قلت: هو في "الصحيحين"، وقد تقدم تخريجه، فلا حاجة لقول المؤلف - رحمه الله -. حديث صحيح على شرط الشيخين؛ فإنه يوهم عدم تخريجهما له، والواقع خلافه. (٣) رواه مسلم (٦٨٠)، كتاب: المساجد ومواضع الصلاة، باب: قضاء الصلاة الفائتة واستحباب تعجيل قضائها.