رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فيما أخبر عن الله تعالى في الحث على الجهاد والإخلاص، والجزاء على ذلك، والله أعلم.
وقوله تعالى:"فهو عليَّ ضامنٌ"؛ فيه وجهان:
أحدهما: أنه فاعل بمعنى مفعول؛ أي: مضمون؛ كماءٍ دافقٍ؛ أي: مدفوق، وعيشة راضية، أي: مَرْضِيَّة.
والثاني: أنه بمعنى ذو؛ أي: صاحب ضمان. كَلابِنٍ وتامرٍ؛ أي: صاحب لبنٍ وتمرٍ. ويكون الضمانُ ليسَ منه، وإنما نُسب إليه؛ لتعلقه به؛ والعربُ تضيف بأدنى ملابسة.
واعلم أن الضمان والكفالة هاهنا عبارة عن تحقيق هذا الموعود من الله -سبحانه وتعالى-؛ فإن الضمان والكفالة والوكالة مؤكدة لما تضمن وتكفل وتوكل به، وتحقيق ذلك من لوازمها.
وقوله تعالى:"أَنْ أدْخِلَهُ الجنَّةَ، أو أَرْجِعَهُ"، أما قوله:"أَنْ أدخلَه الجنةَ"، فهو موافق لقوله تعالى:{إِنَّ اللَّهَ اشْتَرَى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ} الآية [التوبة: ١١١]، ويحتمل إدخاله الجنة عند موته، كما قال تعالى في الشهداء:{أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ}[آل عمران: ١٦٩]. وفي الحديث:"أرواحُ الشهداءِ في الجنةِ"(١)، ويحتمل أن يكون المراد: دخوله الجنة عند دخول السابقين والمقربين بلا حساب ولا عذاب ولا مؤاخذة بذنب، وبكون الشهادةِ مكفرةً لذنوبه، كما صرح [به](٢) في الحديث الصحيح.
وأما قوله:"أَرْجِعَه"؛ فهو بفتح الهمزة وكسر الجيم، من رجع ثلاثيًّا متعديًا،
(١) رواه مسلم (١٨٨٧)، كتاب: الإمارة، باب: بيان أن أرواح الشهداء في الجنة، عن ابن مسعود - رضي الله عنه - بلفظ: " ... أرواحهم -يعني: الشهداء- في جوف طير خضر، لها قناديل معلقة بالعرش، تسرح من الجنة حيث شاءت ..... " الحديث. والشارح -رحمه الله- يحكي كلام القاضي عياض، كما ذكره السيوطي في "تنوير الحوالك" (١/ ٢٩٥). (٢) ليست في "ح".