والآيات في هذا المعنى كثيرة، تدل على حجود وإنكار المشركين للقاء الله تعالى، قال تعالى:{وَأَمَّا الَّذِينَ كَفَرُوا وَكَذَّبُوا بِآيَاتِنَا وَلِقَاءِ الْآخِرَةِ}[الروم:١٦]، يقول السمعاني:" أي البعث يوم القيامة "(١)، والكفار ليسوا على مرتبة واحدة من التكذيب، فمنهم من كان في شك فيه، كما قال تعالى:{أَلَا إِنَّهُمْ فِي مِرْيَةٍ مِنْ لِقَاءِ رَبِّهِمْ}[فُصِّلَت:٥٤]، أي: في شك من البعث والنشور (٢)، ولذا أخبر الله تعالى عنهم أنهم في أمر مريج، فقال سبحانه:{بَلْ كَذَّبُوا بِالْحَقِّ لَمَّا جَاءَهُمْ فَهُمْ فِي أَمْرٍ مَرِيجٍ}[ق:٥]، يقول السمعاني:" وكانوا أيضاً يقرون بالبعث مرة، وينكرون البعث مرة، فهذا هو معنى الاختلاط والالتباس "(٣)، ولذا إنكارهم سيكون عليهم حسرة، كما قال تعالى:{وَإِنَّهُ لَحَسْرَةٌ عَلَى الْكَافِرِينَ}[الحاقة:٥٠]، أي: البعث حسرة على الكافرين، ثم قال تعالى:{وَإِنَّهُ لَحَقُّ الْيَقِينِ}[الحاقة:٥١]، أي: البعث محض اليقين، وعين اليقين. (٤)
فإن قيل على هذا التقرير: كيف يستقيم قولهم: {إِنْ هِيَ إِلَّا حَيَاتُنَا الدُّنْيَا نَمُوتُ وَنَحْيَا}[المؤمنون:٣٧]، ولم يكونوا مقرين بالبعث؟ فالجواب من وجوه: أحدها: أنه على التقديم والتأخير، يعني: نحيا ونموت، والآخر: يموت الآباء، ويحيا الأبناء، والثالث: يموت قوم، ويحيا قوم. (٥)
(١) السمعاني: تفسير القرآن: ٤/ ٢٠١ (٢) السمعاني: تفسير القرآن: ٥/ ٦١ (٣) السمعاني: تفسير القرآن: ٥/ ٢٣٥ (٤) السمعاني: تفسير القرآن: ٦/ ٤٣ (٥) السمعاني: تفسير القرآن: ٣/ ٤٧٥