ومن اللطيف في هذا المقام، ما حكاه السمعاني عن الأصمعي قال: قد كنت أقرأ هذه الآية، وبجنبي أعرابي فقرأت:" نكالاً من الله والله غفور رحيم "، فقال الأعرابي: هذا كلام مَنْ؟ فقلت: كلام الله، فقال الأعرابي: ليس هذا من كلام الله، فتنبهت وقرأت:" {نَكَالًا مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ}[المائدة:٣٨]، فقال الأعرابي: هذا كلام الله، ثم سألته عن ذلك، فقال: إن الله لا يذكر العقوبة على العبد، ثم يقول: والله غفور رحيم، وإنما يليق بذكر العقوبة: العزيز الحكيم (١). وليُعلم أن العزة والغلبة كلها لله تعالى، كما قال:{فَإِنَّ الْعِزَّةَ لِلَّهِ جَمِيعًا}[النساء:١٣٩]، فإن قيل: قد نرى في بعض الأحوال، الغلبة للكفار؟ فالجواب: معنى هذه الآية: أن المقوي هو الله تعالى في الأحوال كلها، وقيل: معناه: الغلبة بالحجة لله جميعاً، " وَاللَّهُ غَالِبٌ عَلَى أَمْرِهِ "، لا يمنعه مانع، ولا يرده عما يريد راد. (٢)
[٧ ـ الكريم]
ورد في كتاب الله جل وعلا في موضعين: قال تعالى: {فَإِنَّ رَبِّي غَنِيٌّ كَرِيمٌ}[النمل:٤٠]، وقوله تعالى:{يَاأَيُّهَا الْإِنْسَانُ مَا غَرَّكَ بِرَبِّكَ الْكَرِيمِ}[الانفطار:٦]، قال السمعاني: " {الْأَكْرَمُ}: أي كريم، ومن كرمه أن يحلم عن ذنوب عباده، ويُؤخر عقوبتهم. وعن بعضهم: من كرمه، أن يَعْبُدَ الآدمي غيره، ولا يقطع عنه رزقه ". (٣) وقال في تفسير قوله: {مَا غَرَّكَ بِرَبِّكَ الْكَرِيمِ}[الانفطار:٦]: " الذي تجاوز عنك، ولم يعاقبك في الدنيا" (٤)
(١) ((السمعاني: تفسير القرآن:٢/ ٣٧ (٢) ((السمعاني: تفسير القرآن:١/ ٤٩١، ٣/ ١٩ , والله تعالى يقول: " وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ " [المنافقون:٨]، أي: الغلبة والمنعة والقوة، والعزة لله لعزه في ذاته، والعزة لرسوله صلى الله عليه وسلم وللمؤمنين، بما أعطاهم الله تعالى، من الغلبة والمنعة والقوة. السمعاني: تفسير القرآن: ٥/ ٤٤٦ (٣) ((السمعاني: تفسير القرآن:٦/ ٢٥٦ (٤) ((السمعاني: تفسير القرآن:٦/ ١٧٣