من أسماء الله تعالى الثابتة في محكم التنزيل، فالله تعالى هو السميع، كما قال سبحانه:{فَسَيَكْفِيكَهُمُ اللَّهُ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ}[البقرة:١٣٧]، وهو البصير كما قال سبحانه:{لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ}[الشورى:١١]، فالله جل وعلا، سميع لأقوال العباد، بصير بأفعالهم (١)، وقد جمع الله جل وعلا بين هذين الاسمين، في مقام من أشرف المقامات للنبي صلى الله عليه وسلم، فقال سبحانه:{سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلًا مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آيَاتِنَا إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ}[الإسراء:١]، قال السمعاني:" ذكر السميع هاهنا؛ ليُنبه على أنه المجيب لدعائه، وذكر البصير؛ ليُنبه على أنه كان الحافظ له في ظلمة الليل "(٢).
والسمع قد يكون مقتضاه المدح، أو الذم، كما قال تعالى:{وَإِذْ غَدَوْتَ مِنْ أَهْلِكَ تُبَوِّئُ الْمُؤْمِنِينَ مَقَاعِدَ لِلْقِتَالِ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ}[آل عمران:١٢١]، يقول السمعاني:{وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ}: أي سميع بما قاله المنافقون، عليم بما أضمروا، فيكون على وجه التهديد، وقيل معناه:" وَاللَّهُ سَمِيعٌ " بما قال المؤمنون، " عَلِيمٌ " بما أضمروا، فيكون على وجه المدح " (٣).
وقد فَسَّر السمعاني البصير بالخبير (٤)، كما في قوله تعالى:{وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ مَا كُنْتُمْ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ}[الحديد:٤]، وفَسَّر البصير بالعليم (٥)، كما في قوله تعالى:{أَوَلَمْ يَرَوْا إِلَى الطَّيْرِ فَوْقَهُمْ صَافَّاتٍ وَيَقْبِضْنَ مَا يُمْسِكُهُنَّ إِلَّا الرَّحْمَنُ إِنَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ بَصِيرٌ}[المُلك:١٩].
(١) ((السمعاني: تفسير القرآن: ٤/ ٢٣٦ (٢) ((السمعاني: تفسير القرآن: ٣/ ٢١٤ (٣) ((السمعاني: تفسير القرآن: ١/ ٣٥٢ (٤) ((السمعاني: تفسير القرآن: ٥/ ٣٦٥ (٥) ((السمعاني: تفسير القرآن: ٦/ ١٢