وسُمي الوحي روحاً، كما قال تعالى:{يُنَزِّلُ الْمَلَائِكَةَ بِالرُّوحِ مِنْ أَمْرِهِ}[النحل:٢]، وما ذاك إلا لأنه تقع به حياة القلوب، كالروح تقع بها حياة الأبدان (١)، وقال تعالى:{يُلْقِي الرُّوحَ مِنْ أَمْرِهِ عَلَى مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ}[غافر:١٥]، قال مجاهد: هو الوحي، وسمي روحاً؛ لأنه يحيا به الخلق (٢)، وقال تعالى:{وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ رُوحًا مِنْ أَمْرِنَا}[الشورى:٥٢].
ب ـ الوحي في الشرع: يقول السمعاني: " وهو في عرف أهل الإسلام: عبارة عما يُنزله الله تعالى على الأنبياء، ومن الأنبياء التبليغ إلى الخلق ". (٣)
وقد سُئل الزهري عن الوحي فقال: الوحي ما يُوحي الله إلى نبي من الأنبياء، فيثبته في قلبه، فيتكلم به، ويكتبه، وهو كلام الله. (٤)
فالوحي: هو كلام الله تعالى، المنزل بواسطة على رسول من الرسل؛ بينه قوله تعالى: {وَإِنَّهُ لَتَنْزِيلُ رَبِّ الْعَالَمِينَ (١٩٢) نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ (١٩٣) عَلَى قَلْبِكَ لِتَكُونَ مِنَ الْمُنْذِرِينَ (١٩٤)} [الشعراء:١٩٢ - ١٩٤].
[المسألة الثانية: حالات الوحي]
ذكر الله جل وعلا حالات الوحي في كتابه العزيز، فقال:{وَمَا كَانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُكَلِّمَهُ اللَّهُ إِلَّا وَحْيًا أَوْ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ أَوْ يُرْسِلَ رَسُولًا فَيُوحِيَ بِإِذْنِهِ مَا يَشَاءُ إِنَّهُ عَلِيٌّ حَكِيمٌ}[الشورى:٥١]: فقسَّم الله تعالى حالات الوحي إلى ثلاثة وجوه:
الأول: الوحي في قوله (إِلَّا وَحْيًا)،وفيه قولان: أحدهما: أنه الإلهام من الله تعالى، بالنفث في صدره، والآخر: أنه الرؤيا في المنام.
(١) السمعاني: تفسير القرآن: ٣/ ١٥٩ (٢) السمعاني: تفسير القرآن: ٥/ ١٠ (٣) السمعاني: تفسير القرآن: ٥/ ٢٨٤ (٤) السيوطي: الإتقان: ١/ ١٦٠