الثاني: الوحي بتكليم الله تعالى. كما في قوله:" أَوْ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ " أي: كما كلم موسى من وراء حجاب، وقيل: بالحجاب على موضع الكلام، لاعلى الله، وقيل: إن موسى عليه السلام كما سمع كلام الله ولم يره، كان بمنزلة من يسمع من وراء حجاب.
الثالث: وحي بلسان جبريل عليه السلام، كما قال تعالى:" أَوْ يُرْسِلَ رَسُولًا فَيُوحِيَ بِإِذْنِهِ مَا يَشَاءُ "، يعني: يرسل جبريل بالوحي إلى من يشاء من الأنبياء. (١)
يقول السمعاني:" وجملة الذي وصل إلى الأنبياء من الوحي، على ثلاثة وجوه: وحي إلهام، ورؤيا في المنام، ووحي بتكليم الله تعالى، ووحي بلسان جبريل عليه السلام "(٢).
وجبريل عليه السلام هو الوكيل على وحي الله تعالى، وأخبر الله تعالى أن الملائكة تُلقي الوحي على الأنبياء والرسل، قال سبحانه:{فَالْمُلْقِيَاتِ ذِكْرًا}[المرسلات:٥]، يقول السمعاني:" فالملائكة يلقون على الأنبياء، والأنبياء يلقون على الأمم، والعلماء يلقون على المتعلمين ". (٣)
وجعل الله تعالى للوحي ملائكة يحرسونه، قال تعالى: {عَالِمُ الْغَيْبِ فَلَا يُظْهِرُ عَلَى غَيْبِهِ أَحَدًا (٢٦) إِلَّا مَنِ ارْتَضَى مِنْ رَسُولٍ فَإِنَّهُ يَسْلُكُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ رَصَدًا (٢٧)} [الجن:٢٦ - ٢٧]، أي: حفظة، روى سفيان عن منصور عن إبراهيم قال: ملائكة يحرسونه، يقول السمعاني:" وفي التفسير: أن الله تعالى ما بعث وحياً من السماء، إلا ومعه ملائكة يحرسونه. فإن قال قائل: ومن ماذا يحفظونه ويحرسونه؟ والجواب: إن الحفظ والحراسة، لخطر شأن الوحي، ولتعظيمه في النفوس، لا بحكم الحاجة إلى الحراسة والحفظ، يُقال: الحفظ والحراسة من المسترقين للسمع؛ لئلا يسرقوا شيئاً من ذلك، ويلقوه إلى الكهنة "(٤).
(١) السمعاني: تفسير القرآن: ٥/ ٨٧ (٢) السمعاني: تفسير القرآن: ٥/ ٨٧ (٣) السمعاني: تفسير القرآن: ٦/ ١٢٦ (٤) السمعاني: تفسير القرآن: ٦/ ٧٣