٣ ـ ذكر السمعاني ـ رحمه الله ـ دلائل البعث في القرآن الكريم، وهي دلائل سمعية، وأما من جهة إمكانه فدلالة العقل مؤيِّدة لدلالة النقل، يقول ابن القيم:" والصحيح: أن العقل دل على المعاد، والثواب، والعقاب إجمالاً، وأما تفصيله فلا يُعلم إلا بالسمع، ودوام العقاب والثواب، مما لا يدل عليه العقل بمجرده، وإنما عُلِمَ بالسمع ". (١)
" وبراهين المعاد في القرآن مبنية على ثلاثة أصول: أحدهما: تقرير كمال علم الرب سبحانه، والثاني: تقرير كمال قدرته، والثالث: كمال حكمته ". (٢)
وقد ذكر السمعاني جملة من الدلائل على إمكان البعث منها:
أ ـ الاستدلال بالبداءة على الإعادة: وقد استدل السمعاني على ذلك بعدة أدلة، منها:
ـ قوله تعالى:{وَإِنْ تَعْجَبْ فَعَجَبٌ قَوْلُهُمْ أَإِذَا كُنَّا تُرَابًا أَإِنَّا لَفِي خَلْقٍ جَدِيدٍ}[الرعد:٥]، يقول السمعاني:" ومعناه: أنك تعجب، فعجب من إنكارهم النشأة الآخرة، مع إقرارهم ابتداء الخلق من الله، وقد تقرر في القلوب، أن الإعادة أهون من الابتداء، فهذا موضع التعجب ". (٣)
ـ وقال تعالى:{أَوَلَا يَذْكُرُ الْإِنْسَانُ أَنَّا خَلَقْنَاهُ مِنْ قَبْلُ وَلَمْ يَكُ شَيْئًا}[مريم:٦٧]، يقول السمعاني:" ومعناه: أنا لما قدرنا على إنشاء خلقهم، فنحن على الإعادة أقدر ". (٤)
ـ وقال تعالى:{يَوْمَ نَطْوِي السَّمَاءَ كَطَيِّ السِّجِلِّ لِلْكُتُبِ كَمَا بَدَأْنَا أَوَّلَ خَلْقٍ نُعِيدُهُ}[الأنبياء:١٠٤]، يقول السمعاني:" أي قدرتنا على إعادة الخلق، كقدرتنا على إنشائه ". (٥)
(١) ابن القيم: حادي الأرواح: دار الكتب العلمية، بيروت، ط ١، ١٤٠٣ هـ (٣٦٥) (٢) ابن القيم: الفوائد: دار الكتب العلمية، بيروت، ط ٢، ١٣٩٣ هـ، (٧) (٣) السمعاني: تفسير القرآن: ٣/ ٨٧ (٤) السمعاني: تفسير القرآن: ٣/ ٣٠٥ (٥) السمعاني: تفسير القرآن: ٣/ ٤١٢