قرأ أبو عمرو وحده:«وأُملِىَ لهم» على ما لم يسم فاعله. قال أبو عمرو: وما قرأت حرفا من كتاب الله عزّ وجلّ برأى إلاّ قوله: «وأمْلِى لهم» فوجدت النّاس قد سبقونى إليه. وما زدت فى شعر العرب إلاّ بيتا واحدا فى أول قصيدة الأعشى (١) :
فأنكرتنى وما كان الّذى نكرت ... من الحوادث إلاّ الشّيب والصّلعا
وقرأ الباقون:«وأمْلَى لهم» بفتح الهمزة، ردّا على قوله الشّيطان:
أسوّل لهم {وَأَمْلى لَهُمْ}.
وقرأ مجاهد:«وأُمْلى لهم» بضمّ الهمزة، وإسكان [الميم] الله تعالى يخبر عن نفسه، أى: أملى أنا؛ لأنّ الله تعالى قد ذكر فى مواضع أخر (٢) :
{إِنَّما نُمْلِي لَهُمْ لِيَزْدادُوا إِثْماً} وفى (الأعراف) / {وَأُمْلِي لَهُمْ إِنَّ كَيْدِي مَتِينٌ}(٣) وكلّ ذلك صواب بحمد الله.
(١) ديوان الأعشى (الصبح المنير): ٧٢ فى قصيدته التى أولها: بانت سعاد وأمسى حبلها انقطعا ... وحلّت الغمر فالجدين فالفزعا والبيت فى مجالس العلماء: ٢٣٥، والخصائص: ٣/ ٣١٠ والمحتسب: ٢/ ٢٩٨. قال الزّجاجىّ- رحمه الله-: «حدثنى المغيرة بن محمد والقاسم بن إسماعيل قالا حدّثنا التوجى؟ [التوزىّ] عن أبى عبيدة قال: سمعت أبا عمرو يقول فى علته التى مات فيها: والله ما كذبت فيما رويته حرفا قط ولا زدت فيه شيئا إلا بيتا فى شعر الأعشى وإنى زدته فقلت: وأنكرتنى وما كان الذى نكرت ... من الحوادث إلا الشّيب والصّلعا فحدثنى القاسم بن إسماعيل بن محمد عن التوجى؟ [التّوزى] عن أبى عبيدة قال: فاعتقدت أنّ بشارا أعلم الناس بالشعر وألفاظ العرب قال لى وقد أنشدت أول القصيدة للأعشى فمر هذا البيت «وأنكرتنى» فقال لى: كأنّ هذا ليس من لفظ الأعشى. وكان قوله هذا قبل أن أسمع هذا من قول أبى عمرو بعشرين سنة». (٢) سورة آل عمران: آية: ١٧٨. (٣) سورة الأعراف: آية: ١٨٣.