وفيها حجّة ثالثة: أنّ من العرب من يقول: زيد لم يتّق فجزم القاف بعد حذف الياء، توهما أن القاف آخر الكلمة، وينشد (١):
ومن يتّق فإنّ الله معه ... ورزق الله [مؤتاب](٢) وغادى
١٨ - وقوله تعالى:{سَحابٌ ظُلُماتٌ}[٤٠]
روى قنبل عن ابن كثير «سحاب ظلامات» على الابتداء، وروى غيره عن ابن كثير «سحابُ ظلماتِ» بالكسر مضافا غير منون. وقرأ الباقون:
{سَحابٌ ظُلُماتٌ} بالرّفع على النّعت، فشبه الله تعالى الكفر بظلمات، كما شبه قلب المؤمن بالمصباح.
{إِذا أَخْرَجَ يَدَهُ لَمْ يَكَدْ يَراها}[٤٠]
فيه قولان:
قال بعضهم: يراها بعد إبطاء لشدّة الظّلمة.
وقال آخرون: لم يرها ولم يكد (٣).
فأمّا ابن كثير إذا نوّن {سَحابٌ} وخفض «ظلماتٍ» فإنّه يجعلهما بدلا/من الظّلمات التى قبلها. والتّقدير: أو كظلمات ... ظلمات.
(١) البيت غير منسوب فى الخصائص: ١/ ٣٠٦، ٢/ ٣١٧، ٣٣٩، والمحتسب: ١/ ٣٦١، وشرح شواهد الشافية: ٤/ ٢٢٨ والصحاح واللسان: (أوب). (٢) فى الأصل: «مرتاح» وهو تحريف، و (مؤتاب) من آب بمعنى: رجع. (٣) تحدث المؤلف فى شرح الفصيح عن هذه الآية وعن قول ذى الرّمة: إذا غيّر النّأى المحبّين لم يكد ... رسيس الهوى من حبّ ميّة يبرح فليراجع هناك.