ابن العبّاس قال: حدثنا أبو زيد: قال: صلّى بنا عمرو بن عبيد الفجر فقرأ (١)«إنس ولا جأن» فهمز فلما سلّم قلت: لم همزت؟ قال: فررت من اجتماع السّاكنين.
قال أبو عبد الله رضي الله عنه: كان عمرو بن عبيد يؤتى من قلّة المعرفة بكلام العرب، وذلك أنّ العرب لا تكره اجتماع السّاكنين، إذا كان أحد الساكنين حرف لين، كقوله تعالى (٢) : {وَما مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ} وقد كان كلم أبا عمرو بن العلاء في الوعد والوعيد فلم يفرّق بينهما حتّى فهمه أبو عمرو، وقال: ويحك إنّ الرّجل العربيّ إذا وعد أن يسيء إلى رجل ثم لم يفعل يقال: عفا وتكرّم، ولا يقال: كذب، وأنشد (٣) :
وإنّي إن أوعدته أو وعدته ... لمخلف إيعادى ومنجز موعدى
***
(١) سورة الرحمن: آية: ٥٦. (٢) سورة هود: آية: ٦. (٣) البيت لعامر بن الطفيل فى ديوانه: ٥٨، وقبله: لا يرهب ابن العمّ منّى صولة ... ولا أختتى من صولة المتهدّد