للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

التي قدمها الهمداني. وقد فصل في تعداد أماكن سكنى كل فرع، ولما كان بحثه يدور حول سكنى العشائر، وأن كثيرا من العشائر كان كل منها يسكن أماكن متباعدة، فإن معلوماته الجغرافية مرتبة تبعا للسكان لا للمكان.

فهو بهذا يختلف عن السكوني الذي يظهر مما نقل عنه البكري انه كان يهتم بوصف الأماكن وينظم مادته على أساس ذلك، ويذكر العشائر تبعا لهذا التنظيم، ويختلف أيضا عن تنظيم مؤلفي المعاجم الذين يتبعون التسلسل الأبجدي في ذكر أماكن الجزيرة. ومن الطبيعي أنه يختلف أساسيا عن أصحاب المسالك والممالك والرحالين الذين يهتمون بوصف المدن وما يقع على طرق المواصلات دون التركيز على مواطن العشائر. حقا إنه قد وصف الطرق ومحطاتها بين اليمامة والبصرة (١٠٢ - ١١٠) وذكر عدد كبيرا من محطات هذه الطرق وأشار إلى العشائر بين حجر ومكة (١٢٣ - ١٢٧) وذكر عددا كبيرا من محطات هذه الطرق وأشار إلى العشائر المستوطنة فيها، ولكنه لم يصف أيا منها، ما عدا إشارته إلى أهمية حجر وأعمال اليمامة (١١٠).

لقد اهتم المؤلف بعشائر جزيرة العرب ومواطن سكناها فيها، فهو ليس كتاب نسب ولا هو شامل لكل عشائر العرب، فقد أهمل تماما العشائر العربية التي استوطنت الأمصار الإسلامية، وحتى التي استوطنت مدن الجزيرة، ولم يشر إليها، بل انه ذهب إلى أبعد من ذلك حيث روى كثيرا من الأشعار التي يعبر فيها ناطقوها عن شوقهم إلى الصحراء وحنينهم إلى مواطنهم الاصلية في الصحراء، وتذمرهم من سكنى يلاد الشام والعراق، فهو يقدم مادة دسمة لمن يريد دراسة شاملة لموقف البدو من الحضر ومن بعض ما قامت به الدولة في القرن الأول الهجري.

وقد استشهد بأكثر من مائة وخمسين بيتا من الشعر تعبر كلها عن نفسية ومواقف واتجاهات أهل البادية المقيمين في الصحراء، واورد اسماء كثير من

<<  <  ج: ص:  >  >>