للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأغدقوا على شعراء الجزيرة ومن ينسج على منوالهم العطاء بسخاء، وتمسكوا بالقرآن العربي ولم يسمحوا بترجمته، وكان في جندهم عدد من الأعراب، وفي حاشيتهم عدد من الأنصار وجماعة من العرب سموهم الصحابة، هذا فضلا عن أن جيشهم الخراساني كان أغلبه من عرب خراسان، وقواده من العرب. وأما العلماء فقد نشطوا لدراسة أحوال أهل الصحراء وتاريخهم ولغتهم وثقافتهم، وسعوا ما شاء لهم السعي في توخي الدقة والضبط فبرز في هذا العصر علماء أفذاذ وقفوا كالقمم الشامخة في الحركة الفكرية، واعتمد الناس على مؤلفاتهم فتناقلوها كلها أو بعضها. وقد أدى تقدير الناس انتاجهم إلى الاعتماد على ما كتبوه والاقتصار على النقل أو الشرح ويكفي لبيان مكانة علماء العصر العباسي الأول وأثرهم أن نشير إلى مكانة سيرة النبي لابن اسحق، وكتاب سيبويه في النحو، وطبقات الصحابة لابن سعد، وأوزان الخليل في الشعر، والأنساب لابن الكلبي، وأيام العرب لابي عبيدة، ومؤلفات أبي مخنف، وعمر بن شبة والمدائني والهيثم بن عدى، في أحداث القرن الأول. تلك المؤلفات التي كان تقدير الناس لها سببا في سيطرتها على الفكر العربي قرونا عدة، وجعلت الباحثين يقتصرون على نسخ المؤلفات الأولى أو الاقتباس منها دون محاولة التأليف في مواضيعها حتى جاء القرن السادس الهجري.

لقيت جزيرة العرب من علماء العصر العباسي اهتماما كبيرا، فقد درس عدد من هؤلاء العلماء أحوال الجزيرة وأوضاعها، وألفوا فيها كتبا غير قليلة أورد ابن النديم في كتابه «الفهرست» أسماء عدد كبير منها، كما نقل نتفا منها عدد غير قليل من المؤلفين المتأخرين، وخاصة البكري في «معجم ما استعجم» وياقوت في «معجم البلدان» والسمهودي في «وفاء الوفاء».

ويمكن تصنيف هذه المؤلفات إلى صنفين رئيسيين، أولهما: بحوث محددة عن مواضيع خاصة، كالكلام عن عشيرة واحدة أو مكان واحد. وقد أوردت في الفصل الذي أضفته إلى ترجمة كتاب علم التاريخ عند المسلمين قائمة

<<  <  ج: ص:  >  >>