وقوله تعالى:{يَدَا أَبِي لَهَبٍ}: أضاف التَّبَاب إلى اليد ومعناه: كلُّ بدنه؛ لأن المراد به أنه جزاءُ عمله، والعمل غالبًا يقع باليدين، يقال: كسَبَتْ يداه، وقال تعالى:{مِمَّا عَمِلَتْ أَيْدِينَا}[يس: ٧١] ولما كان العمل يقع منه الخسران بأنْ لا يحصلَ صاحبه منه على نفعٍ قيل: {تَبَّتْ يَدَا} على معنى: خسر ما عملَتْ يداه؛ أي: خسر عملَه فهو في ضلال وهلاك.
وأبو لهب عمُّ رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، وذكر بالكنية دون الاسم لا تشريفًا له بل إشارةً إلى أنَّ مَرْجِعه إلى لهب النار.
وقيل: لأن اسمه كان عبدَ العزى، وهو كذبٌ، فلم يُذْكر به.
وقيل: كانت كنيتُه أبا عتبة، وكان (١) له خمسةُ بنين: عُتبة وعتيبة وعتَّاب ومعتِّب ومعيتب، وكان يلقَّب بأبي لهبٍ لحمرةِ وجهه.
{وَتَبَّ}: أي: تَبَّ أبو لهب، ومعنى التكرار: إضافةُ الأول إلى يديه والثاني إليه، عند الفراء وجماعةٍ: أن الأول دعاء والثاني خبر بمعنى: وقد تبَّ، وكذا هو في مصحف عبد اللَّه (٢)، وهو كما يقال: أهلكك اللَّه وقد أهلك.
وقيل: إنه كان أراد أن يرمي رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- بحجرٍ فمنعه اللَّه تعالى من ذلك، وذلك قوله:{تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ وَتَبَّ} ثم قال: {وَتَبَّ} وهو إخبار عن عقاب ينزل به بعدُ.
* * *
(١) في (أ): "فقد كان". وفي (ف): "وقيل كان". (٢) انظر: "معاني القرآن" للفراء (٣/ ٢٩٨). والقراءة وردت أيضًا في حديث ابن عباس في الصحيحين والذي تقدم في أول هذه السورة، وهي محمولة على التفسير؛ لمخالفتها سواد المصحف الذي أجمعت عليه الأمة.