{مُنْفَكِّينَ}: قال ابن عباس: أي: غيرَ منتهِينَ عن الكفر (١).
{حَتَّى تَأْتِيَهُمُ}: أي: حتى أتَتْهم، مستقبلٌ بمعنى الماضي.
{الْبَيِّنَةُ}: الحجةُ الظاهرة، والمراد بها: الرسول عليه السلام هاهنا، فقد قال بعده:{رَسُولٌ مِنَ اللَّهِ} وهو بدلٌ عن {الْبَيِّنَةُ}؛ أي: فلما جاءهم اهتدَوا به.
وقيل: أسلم بعضٌ وثبَت على الكفر بعضٌ.
وقال القتبي:{مُنْفَكِّينَ}؛ أي: زائلين، والانفكاك: الزوال (٢).
وقيل: الانفصال، والفكُّ: الفصل (٣).
وقيل: أي: لم يكونوا ليُترَكوا خالينَ عن حُجج اللَّه تعالى حتى تأتيَهم البينةُ التي تقوم بها الحجة.
وقال الفراء: قال قوم: أي: لم يكن أهل الكتاب ومَن يُرجع إليهم من المشركين تاركين صفة محمد عليه السلام كما هو في التوراة حتى بُعث، فلما بُعث تفرَّقوا واختلفوا فيه (٤)، وهو كقوله:{وَكَانُوا مِنْ قَبْلُ يَسْتَفْتِحُونَ} الآية.
قال: وقيل: {مُنْفَكِّينَ}؛ أي: متفرِّقين في أمر محمدٍ حتى جاءهم، وانفكاكُ (٥) أحد الشيئين من الآخر [من] هذا (٦).
(١) ذكره الواحدي في "الوسيط" (٤/ ٥٣٩) من طريق عطاء عن ابن عباس، ورواه الطبري في "تفسيره" (٢٤/ ٥٥١) عن مجاهد وقتادة. وروى ابن المنذر عن ابن عَبَّاس كما في "الدر المنثور" (٨/ ٥٨٨) قوله: {مُنْفَكِّينَ} قال: بَرِحين. (٢) انظر: "غريب القرآن" لابن قتيبة (ص: ٥٣٥). (٣) في (ر): "وانفك انفصل". (٤) انظر: "معاني القرآن" للفراء (٣/ ٢٨١). (٥) في (أ) و (ر): "حتى جاز انفكاك"، وفي (ف): "حتى جاءهم والانفكاك". ولعل المثبت هو الصواب. (٦) لم أجده عن الفراء، وما بين معكوفتين زيادة يقتضيها السياق.