{وَأَنْزَلْنَا مِنَ الْمُعْصِرَاتِ}: قال ابن عبَّاس ومجاهد وقتادة والحسن: هي الرِّياح (١).
وقال الخليل: يُقال: أعصرت الرِّياح فهي معصراتٌ، والإعصار: الرِّيح التي تثير السَّحاب (٢).
وعلى هذا معنى {مِنَ الْمُعْصِرَاتِ}؛ أي: من جهتها وبسببها وإثارتها السَّحاب.
وعن ابن عبَّاس -في رواية- والرَّبيعِ بن أنس: أنَّها السَّحائب (٣).
وبه قال الخليل والفرَّاء ونفطويه والقتبيُّ رحمهم اللَّه، قالوا: هي السَّحاب التي حملَتِ الماء، وقَرُبَ أن تمطرَ، كالجارية التي قاربَتِ المحيض ولم تحضْ بعدُ (٤).
قال الرَّاجز:
تمشي الهُوَينا مائلًا خمارُها... قد أعصرَتْ أو قد دنا إعصارُها (٥)
ويُقال: هي السَّحاب ذات الأعاصير؛ أي: الرِّياح، جمع إعصار.
{مَاءً ثَجَّاجًا}: قال ابن عبَّاس رضي اللَّه عنهما ومجاهد: أي: منصبًّا ومتتابعًا (٦).
وقد ثجَّ الماءَ يثُجُّه ثَجًّا؛ أي: سيَّلَهُ، وثَجَّ هو ثُجُوجًا؛ أي: سال، لازم ومتعدٍّ.
(١) رواه الطبري في "تفسيره" (٢٤/ ١١ - ١٢) عن ابن عباس رضي اللَّه عنهما ومجاهد وابن زيد. وروى الطبري في "تفسيره" (٢٤/ ١٣) عن الحسن وقتادة: ({مِنَ الْمُعْصِرَاتِ}: من السماء). (٢) انظر: "العين" للخليل (١/ ٢٩٥). (٣) رواه الطبري في "تفسيره" (٢٤/ ١٣). (٤) انظر: "العين" للخليل (١/ ٢٩٥)، و"غريب القرآن" لابن قتيبة (ص: ٥٠٨)، ونقله ابن قتيبة في "غريب الحديث" (٢/ ٣٦٠) عن الفراء. (٥) الرجز لنافع بن لقيط أو منظور بن مرثد كما في "لسان العرب" (مادة: سفا). ولأبي النجم في "تفسير الثعلبي" (١٠/ ١١٤). (٦) رواه عنهما الطبري في "تفسيره" (٢٤/ ١٤ - ١٥).