وقوله تعالى:{فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ}: قال قتادة: لَمَّا نزل قوله تعالى: {اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ}[آل عمران: ١٠٢]، وفسَّره النَّبيُّ -صلى اللَّه عليه وسلم-، وهو أنْ يُطاعَ فلا يُعصى، ويُذكَرَ فلا يُنسى، ويُشكَر فلا يُكفَر، شقَّ ذلك على المسلمين مشقَّة شديدة، وخافوا التَّقصير في ذلك، فنزلَتْ هذه الآية (١): {فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ}، فصارت بيانًا أنَّ ذلك الأمر كان بما في استطاعة العبد، وعليها بايع النَّبيُّ -صلى اللَّه عليه وسلم-أصحابَه، فقال:"على السَّمع والطَّاعة فيما استطعتم"(٢).
واتِّصالها بما قبلَها: {وَاللَّهُ عِنْدَهُ أَجْرٌ عَظِيمٌ (١٥) فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ} تُحرِزوا ذلك الأجرَ العظيم.
قوله تعالى:{وَاسْمَعُوا وَأَطِيعُوا}: اقبَلوا أمرَ اللَّه وأمرَ رسوله، واعملوا بذلك ما استطعتم.
{وَأَنْفِقُوا} في سبيل اللَّه {خَيْرًا لِأَنْفُسِكُمْ}؛ أي: يكن أنفعَ لكم من الشُّحِّ.
= الترمذي: حسن غريب. (١) في (أ): "فنزل قوله"، وفي (ر): "فنزلت في هذه الليلة". (٢) رواه عبد الرزاق في "تفسيره" (٣٢٢٩)، والطبري في "تفسيره" (٢٣/ ١٩). ورواية عبد الرزاق مختصرة. والمرفوع رواه البخاري (٧٢٠٢) عن عبدِ اللَّه بن عمرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، قال: كُنَّا إذا بايَعْنا رسولَ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- على السمع والطَّاعة، يقولُ لنا: "فيما استطَعْتُم" (٣) في (أ): "منه".