وروى أبو موسى الأشعريُّ عن النَّبيِّ -صلى اللَّه عليه وسلم- أنَّه قال:"ثلاثةٌ يُؤتَونَ أجرَهُم مرَّتين: رجلٌ آمنَ بالكتابِ الأوَّل والكتاب الآخِر، ورجلٌ كانت له أَمَةٌ فأدَّبَها وأحسنَ أدبَها ثَّم أعتقَها وتزوَّجَها، وعبدٌ مملوكٌ أحسنَ عبادةَ ربِّه وأطاع سيِّدَه"(١).
وقال الكلبيُّ رحمَه اللَّهُ: هؤلاء أربعةٌ وعشرون رجلًا، قدِموا من اليمن على رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- وهو بمكَّة، لم يكونوا يهودًا ولا نصارى، وكانوا على دين الأنبياء فأسلموا، فقال لهم أبو جهل لعنه اللَّه: بئس القوم أنتم والوفد لقومكم، فردُّوا عليه: وما لنا لا نؤمن باللَّه وما جاءنا من الحقِّ، فجعلَ اللَّه لهم أجرين؛ أجرًا بكتابهم الأوَّل، وأجرًا بإيمانهم بمحمَّد -صلى اللَّه عليه وسلم-.
فلمَّا بلغَ ذلك عبدَ اللَّه بن سلام وأصحابَه قالوا: نحن أيضًا أهل الكتاب، أفليس لنا أجران مثلَ ما لهم (٢)؟ قالوا: بلى، فجعلوا يفخرون على أصحاب رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، وقالوا: نحن أفضلُ منكم، لنا أجران ولكم أجر واحد، فأنزل اللَّه تعالى:{يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ}(٣).
وكتبَ عمرُ رضي اللَّه عنه إلى أسقفٍّ يسأله عن الكفل عندهم في كتابهم، فكتب: هو عندنا ثلاث مئة وخمسون ضعفًا، فقال عمر: اللَّه أكبر، لقد فضَّلنا اللَّهُ عليكم بكفلٍ (٤).
(١) رواه البخاري (٣٠١١)، ومسلم (١٥٤). (٢) في (أ): "أفليس لنا أجر مثل أجرهم". (٣) ذكره الثعلبي في "تفسيره" (٩/ ٢٥٠). (٤) لم أقف عليه.