فلا تجعلوا للَّه نِدًّا وأَسْلِموا... ولا تَفْخَروا عند النَّبِيِّ بدَارمِ
وإلَّا وربِّ البيتِ مالَتْ أَكُفُّنا... على هامِكم بالمُرْهَفَاتِ الصَّوارمِ (١)
قال: فقامَ الأَقْرَعُ بنُ حابسٍ، فقال: إنَّ محمدًا لَمُؤْتًى له، واللَّهِ ما أدري ما هذا الأمرُ، تكلَّمَ خطيبُنا، فكان خطيبُهم أرفعَ (٢) صوتًا وأحسنَ قولًا، وتكلَّمَ شاعرُنا، فكان شاعرُهم أَشْعَرَ وأحسَنَ قولًا، ثم دنا مِن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-، فقال: أشهدُ أنْ لا إلهَ إلا اللَّهُ، وأشهدُ أنَّكَ رسولُ اللَّه، فقال له رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "لا يَضُرُّكَ ما كان قَبْلَ هذا"، ثم أعطاهم رسولُ اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- وكساهم، وقد كان تخلَّفَ في رِكابهم عمرو بن الأَهْتَمِ -وهو الذي أخذَ شِقَّ شَعَرِ رسولِ اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- حين حلَقَه في حِجَّة الوَداعِ، وغيرُه مِن الناس قسَموا الشِّقَّ الآخرَ، فأعطاه رسولُ اللَّهِ مثلَ ما أعطى القومَ (٣) - وكان قيس بن عاصمٍ يُبْغِضُه لِحَداثةِ سِنِّه، فأزرى به قيسٌ، وقال فيه قيسٌ أبياتَ شعرٍ، وارتفعَتِ الأصواتُ، وكثُرَ اللَّغَطُ عند رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، فأنزل اللَّه تعالى:{يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَرْفَعُوا أَصْوَاتَكُمْ} إلى قوله: {أَجْرٌ عَظِيمٌ}(٤): يعني: جزاءً وافرًا، وهو الجنة.
* * *
(١) جمع الصارم: وهو السيف القاطع. انظر: "الصحاح" (مادة: رهف وصرم). (٢) في (ر): "أسمع". (٣) ما بين معترضتين زيادة من (أ)، وهي ليست من ضمن سياق الحادثة. (٤) روى القصة بطولها وتمامها الثعلبي في "تفسيره" (٩/ ٧٣)، والحنائي في "فوائده" (٢/ ١١٠٦)، والواحدي في "أسباب النزول" (ص: ٣٩٠)، وابن عساكر في "تاريخ دمشق" (١٢/ ٤٠٨). وفي إسناده معلى بن عبد الرحمن الواسطي، قال عنه الدارقطني: ضعيف كذاب. انظر: "تهذيب الكمال" للمزي (٢٨/ ٢٨٨).