ونُطْعِمُ الناسَ عند القَحْطِ كلَّهُمُ... مِن السَّديفِ إذا لم يُؤْنَسِ القَزَعُ (٢)
إنَّا أَبَيْنا ولا يأبى (٣) لنا أحدٌ... إنا كذلك عند الفَخْرِ نَرْتَفِعُ
فأرسلَ رسولُ اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- إلى حسان بن ثابتٍ، فانطلَقَ إليه الرسولُ، فقال: وما يريدُ مني وكنتُ عنده آنفًا؟ قال: جاءت بنو تميمٍ بشاعرهم وخطيبهم، وأمرَ رسولُ اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- ثابتًا فأجابه، وتكلَّمَ شاعرُهم، فأرسلَ إليكَ لِتُجِيبَه، وذكَرَ له قولَ شاعرِهم، قال: فجاء حسان، فأمرَه رسولُ اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- أنْ يُجيبَه، فقال: يا رسولَ اللَّهِ، فليُسْمِعْني ما قال، فقال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "أَسْمِعْه ما قلتَ"، فأنشدَ ما قال، فقال حسان رضي اللَّه عنه:
يَرضى بها كلُّ مَن كانت سريرتُه... تقوى الإلهِ وكلُّ الخيرِ يُصْطَنَعُ
ثم قال حسان:
(١) المِرْباع: شيء كانوا في الجاهلية يغزو بعضهم بعضًا، فإذا غنموا أخذ الرئيس ربع الغنيمة، فكان خالصا له دون أصحابه. انظر: "تهذيب اللغة" للأزهري (٢/ ٢٢٣). (٢) السَّدِيف: شحم السنام، والقَزَع: السحاب، وقوله: (لم يؤنس القزع) كناية عن القحط وانحسار المطر عن الهطول؛ أي: إننا نُطعِمُ الشحم عند المَحْل والقحط. انظر: "النهاية" لابن الأثير (٢/ ٣٥٥). (٣) في (أ) و (ر): "إنا أتينا ولا يأتي". (٤) ذُؤابةُ الرأس أعلاه، وذؤابة العز والشرف أرفعُه، وهو في ذؤابهَ قومه؛ أي: في أعلاهم، والجمع: ذوائب. انظر: "المحكم" لابن سيده (١٠/ ١٠٢).