وقولُه تعالى:{فَاصْبِرْ}: يا محمَّدُ، على أذى الكفار وجِدالهم {إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ}؛ أي: بنَصْرِ الرسل والمؤمنين في الدنيا والآخرة.
وقولُه تعالى:{فَإِمَّا نُرِيَنَّكَ بَعْضَ الَّذِي نَعِدُهُمْ أَوْ نَتَوَفَّيَنَّكَ فَإِلَيْنَا يُرْجَعُونَ}: أي: أنتقِمُ لكَ منهم في الدنيا، وإنْ توفَّيْتُكَ قَبْل ذلك فإليَّ مَرْجِعُهم في الآخرة، فأُعذِّبُهم فيها وأُظْهِرُكَ عليهم به.
وظهر به (١) أنَّ النَّصْر المذكور في قوله: {إِنَّا لَنَنْصُرُ رُسُلَنَا وَالَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ يَقُومُ الْأَشْهَادُ}[غافر: ٥١] منه ما يقع في الدنيا بالإعلاء والإظهار، ومنه ما يقع في الآخرة بالانتقام والعذاب.
وقال مقاتل: كان النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- أخبرَ كفار مكة أنَّ العذاب نازلٌ بهم فكذَّبوه، فأمرَه اللَّه تعالى بالصبر؛ أي: اصبرْ على تكذيبهم، إنَّ العذاب نازل بهم؛ يعني: ببَدْرٍ (٢).