{وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ}: وهم رجال أمته ونساؤهم {بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا}: فعلوا ما يستحقُّون به الإيذاء بالحد والتعزير والإسماع {فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتَانًا}؛ أي: كذبًا مفترًى (١) وهذا في الإيذاء بالقول {وَإِثْمًا مُبِينًا} ظاهرًا مظهِرًا من نفسه أنه إثم.
جعل إيذاء المؤمنين والمؤمنات معصيةً، وإيذاءَ اللَّه والرسول كفرًا.
وقيل: إيذاء اللَّه هو تصوير التماثيل الحيوانية، فإنه مضاهاةُ اللَّه في الخلق.
وقال ابن عباس رضي اللَّه عنهما:{إِنَّ الَّذِينَ يُؤْذُونَ اللَّهَ}؛ أي: اليهود والنصارى والمشركون {وَقَالَتِ الْيَهُودُ يَدُ اللَّهِ مَغْلُولَةٌ غُلَّتْ أَيْدِيهِمْ}[المائدة: ٦٤] وقال فنحاص بن عازورا: {إِنَّ اللَّهَ فَقِيرٌ}[آل عمران: ١٨١]، {وَقَالَتِ الْيَهُودُ عُزَيْرٌ ابْنُ اللَّهِ}[التوبة: ٣٠] و: {ثَالِثُ ثَلَاثَةٍ}[المائدة: ٧٣]، وقالت المشركون: الملائكة بنات اللَّه، والأصنام شركاؤه (٢).
وقوله:{وَرَسُولَهُ} يعني: حين شُجَّ في وجهه وكُسرت رَباعِيَتُه، وحين قيل: إنه ساحر، وكاهن، ومعلَّم، ومجنون.
وقيل:{يُؤْذُونَ اللَّهَ}: يُلحدون في أسمائه {وَرَسُولَهُ}: يبتدعون في شريعته.
وقال النبيُّ -صلى اللَّه عليه وسلم-: "يقول اللَّه تعالى: شتَمني ابن آدم ولم يَنْبغِ له أن يَشتمني، وآذاني ولم يَنْبغِ له أن يؤذيَني، أمَّا شتمُه إياي فقوله: إني اتخذتُ ولدًا، وأنا اللَّه
(١) في (أ): "كبيرًا"، وفي (ف): "محيرا". (٢) ذكره الثعلبي في "تفسيره" (٨/ ٦٣)، والبغوي في "تفسيره" (٦/ ٣٧٥).