أنزل اللَّه هذه الآية وأمره بتخيير نسائه، فبدأ بعائشة رضي اللَّه عنها وقال لها:"إني مُلْقٍ إليك أمرًا فلا عليك أن تجيبيني حتى تستأمري أبويك" -قالت عائشة: وكان (١) النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- يعلم أن أبوي لا يأمراني بفراقه- ثم تلا عليها الآيتين، قالت عائشة رضي اللَّه عنها: يا رسول اللَّه! أفي اللَّهِ ورسوله أستأمِرُ أبويَّ؟ فإني اخترتُ اللَّه ورسوله والدارَ الآخرة، ولكنْ لا تخبر بقولي سائر نسائك، فكان رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- يدخل على نسائه ويتلو عليهن الآيتين ويخبرهن بصنيعِ عائشة، فاخترن اللَّه ورسوله والدار الآخرة (٢).
وقوله تعالى:{إِنْ كُنْتُنَّ تُرِدْنَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا}؛ أي: إن كنتن تُرِدْن نكاحَ مَن يمَتِّعُكُنَّ بدنياه وزينتِها من الأموال حتى تتوسَّعْنَ في النفقة والكسوة حتى تنفردَ كلُّ واحدةٍ منكن بزوجٍ لا يتزوَّج معها غيرَها فتزولَ الغيرة عنها {فَتَعَالَيْنَ}؛ أي: فجئن (٣){أُمَتِّعْكُنَّ}؛ أي: أُعطِكُنَّ المتعةَ بالمعروف {وَأُسَرِّحْكُنَّ سَرَاحًا جَمِيلًا}؛ أي: أطلقكن طلاقًا حسنًا لا ضرارَ فيه في وقت السُّنَّة.
(١) في (أ): "وظني". (٢) هذه قطعة من حديثي ابن عباس وجابر المتقدمين، وليس في حديث ابن عباس قول عائشة: "ولكنْ لا تخبر بقولي سائر نسائك"، أما حديث جابر فلفظه: وأسألُك أنْ لا تخبِرَ امرأةً مِن نسائكَ بالذي قلتُ، قال: "لا تسألُني امرأةٌ منهنَّ إلا أَخبرْتُها، إن اللَّه لم يبعثني مُعنِّتًا، ولا مُتعنِّتًا، ولكنْ بعَثني معلِّمًا مُيَسِّرًا". (٣) "أي فجئن" ليس في (أ).