{لَآتَوْهَا}: أي: لأعطَوها من أنفسهم وكفروا، وهذا على قراءة المد، وقرأ ابن كثير ونافع {لَأَتَوْهَا} بالقصر؛ أي: لجاؤوها وفعلوها، من قولك: أتيتُ أمر كذا، والباقون بالمد من الإيتاء (١)، وهو الإعطاء.
وقوله تعالى:{وَمَا تَلَبَّثُوا بِهَا إِلَّا يَسِيرًا}: أي: ما تثاقلوا عن الإجابة إلا وقتًا قليلًا، وهذا وصفٌ لهم بضعف النية فيما يُظهرونه من الإسلام، وانحلالِ عقائدهم في الإيمان.
يقول: لو دخل الأحزاب الأبواب قبل أن يصلوا إلى البيوت ساعدوهم على إظهار الكفر.
وقيل: لو سئلوا إثارة الفتنة على المخلِصين لفعلوا وعاونوا عليها الكفار.
وقال الحسن رحمه اللَّه:{وَمَا تَلَبَّثُوا بِهَا إِلَّا يَسِيرًا}؛ أي: لو عادوا إلى الكفر لم يلبثوا بالمدينة إلا قليلًا حتى يعاجلهم اللَّه تعالى بعذابه فيهلكوا (٢).
وقوله تعالى:{وَإِذْ قَالَتْ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ}: قال ابن عباس رضي اللَّه عنهما: هم بنو حارثة (٣).
وقال مقاتل: هم بنو سالم (٤).
وقال ابن عباس رضي اللَّه عنهما: إن اليهود قالت لعبد اللَّه بن أبيٍّ وأصحابه: ما الذي يحملكم على قتل أنفسكم بيد أبي سفيان وأصحابه؟ فارجعوا إلى المدينة {وَيَسْتَأْذِنُ فَرِيقٌ مِنْهُمُ النَّبِيَّ}؛ أي: في الرجوع إلى المدينة وهم بنو حارثة (٥).
(١) انظر: "السبعة" (ص: ٥٢٠)، و"التيسير" (ص: ١٧٨). (٢) ذكره الثعلبي في "تفسيره" (٨/ ١٩)، والواحدي في "البسيط" (١٨/ ٢٠٠). (٣) رواه الطبري في "تفسيره" (١٩/ ٤٤). (٤) انظر: "تفسير مقاتل" (٣/ ٤٧٨). (٥) ذكره الثعلبي في "تفسيره" (٨/ ١٩).