لنتَّبعه من غمر أن يكون له حقيقةٌ، وافتتح بذكر اللَّه لأن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- كان يَعِدُ ذلك عن اللَّه تعالى، وكان وعدُه وعدَ اللَّه.
ورُوي أن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- ضرب بالمعول فى الخندق ضرباتٍ أضاءت له منها قصور الشام واليمن والعراق، فبشَّرهم بأنها ستُفّتح عليهم وهم يومئذ (١) في جهدٍ شديد وخوفٍ عظيم، فقال معتِّب بن قُشيرٍ -وقيل: أوس بن قيظيٍّ-: يَعِدُنا محمد بهذا ونحن لا نستطيع أن نبرز للخلاء! فنزلت هذه الآية (٢).
وقيل: ما كان قولَهم {مَا وَعَدَنَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ إِلَّا غُرُورًا}؛ لأن مَن أقرَّ باللَّه والرسل لا يتكلَّم بهذا؛ لكنْ لمَّا وعدهم محمد -صلى اللَّه عليه وسلم- ذلك قالوا: هذا غرور، فأخبر اللَّه تعالى أنهم إنما وَصفوا بالغرور ما هو وعدُ الرسول، ووعدُه وعدُ (٣) اللَّه.
(١) في (أ): "حينئذ". (٢) ذكره ابن إسحاق كما في "السيرة النبوية" لابن هشام (٢/ ٢٢٢)، و"دلائل النبوة" للبيهقي (٣/ ٤٣٥). ورواه بنحوه الطبري في "تفسيره" (١٩/ ٣٩ - ٤٢)، والبيهقي في "دلائل النبوة" (٣/ ٤١٨ - ٤٢٠) من طريق كثير بن عبد اللَّه بن عمرو بن عوف المزني عن أبيه عن جده، وكثير متروك. وليس في خبر ابن إسحاق ذكر نزول الآية. وقصة تبشير النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- بمدائن كسرى وقيصر عند كسر الصخرة أخرجها أيضًا النسائي في "المجتبى" (٣١٧٦) من طريق أبي سكينة -رجل من المحررين- عن رجل من أصحاب النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-. ورواها الإمام أحمد في "المسند" (١٨٦٩٤)، والنسائي في "الكبرى" (٨٨٠٧)، من حديث البراء بن عازب رضي اللَّه عنه. (٣) في (أ): "بوعد".