ثم هذا إشارةٌ إلى ردِّ قولِ الثَّنويَّة (١) الذين لا يَرونَ ذبحَ الحيوانات وأكلَها، ويقولون: هي بهائمُ لا تَعقلُ، وأكلُها مِن القسوةِ وقلَّة الرَّحمة، فأخبر أنَّ الحكمَ للَّه، والخلقَ كلَّه للَّه، وتناولَها بأمر اللَّه.
وقال الشَّعبيُّ:{بَهِيمَةُ الْأَنْعَامِ}: ما في بطون الأنعام (٢).
وروي عن أبي سعيدٍ الخُدريِّ رضي اللَّه عنه أنَّه قال: سُئِل النَّبيُّ -صلى اللَّه عليه وسلم- عن جنين الناقة، قال: هو من بهيمة الأنعام (٣).
وقوله تعالى:{إِلَّا مَا يُتْلَى عَلَيْكُمْ}؛ أي: سوى ما يُقرَأ عليكم؛ أي: في قوله: {حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ وَالدَّمُ} إلى قوله (٥): {عَلَى النُّصُبِ}، وإطلاقُ هذا يقتضي حِلَّ تلك الأشياء، ولمَّا استثنى تلك الأشياء بقيَ الحِلُّ فيما وراءها.
وقوله تعالى:{غَيْرَ مُحِلِّي الصَّيْدِ} نصب على الحال؛ أي: أُحِلَّ لكم (٦) هذا في
(١) هم أصحاب الاثنين الأزليين، يزعمون أن النور والظلمة أزليان قديمان. انظر: "الملل والنحل" للشهرستاني (٢/ ٤٩). (٢) ذكر الثعلبي في "تفسيره" (٤/ ٧) عن الشعبي أنه قال: بهيمة الأنعام: الأجنة التي توجد ميتةً في بطن أمهاتها إذا ذبحت. (٣) لم أقف عليه بهذا اللفظ، وأخرج أبو داود في "سننه" (٢٨٢٧) عن أبي سعيد، قال: سألت رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- عن الجنين، فقال: "كلوه إن شئتم" قال: قلنا: يا رسول اللَّه، ننحر الناقة ونذبح البقرة أو الشاة، في بطنها الجنين، أنلقيه أم ناكله؟ فقال: "كلوه إن شئتم، فإن ذكاته ذكاة أمه". (٤) انظر: "تفسير الثعلبي" (٤/ ٧). (٥) بعدها في (ر): "وَمَا ذُبِحَ". (٦) في (ف): "لهم".