قوله تعالى:{رَبَّنَا وَآتِنَا مَا وَعَدْتَنَا عَلَى رُسُلِكَ}: أي: على ألسنةِ رسلك، هذا (١) مضمرٌ، وهو سائغ في اللغة؛ أي: قد وَعدْتَ على ألسنتهم أنَّ مَن مات بَرًّا أَعْزَزْتَه بالثواب ولم تُخْزِه بالعقاب، فأعطنا ذلك.
وقيل: معنى قوله: {عَلَى رُسُلِكَ}؛ أي: ما جعلته على رسلك من الشفاعة ومن استغفارهم للمؤمنين والمؤمنات، قال تعالى:{وَاسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ}[محمد: ١٩]، وقال نوح:{رَبِّ اغْفِرْ لِي وَلِوَالِدَيَّ وَلِمَنْ دَخَلَ بَيْتِيَ مُؤْمِنًا وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ}[نوح: ٢٨] وقال إبراهيم: {رَبَّنَا اغْفِرْ لِي وَلِوَالِدَيَّ وَلِلْمُؤْمِنِينَ}(٢).
وقوله تعالى:{وَلَا تُخْزِنَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ}: أي: فقد وعدْتَ ذلك بقولك: {يَوْمَ لَا يُخْزِي اللَّهُ النَّبِيَّ وَالَّذِينَ آمَنُوا}[التحريم: ٨]، وقد فسَّرنا الخزيَ في قوله تعالى:{فَقَدْ أَخْزَيْتَهُ}[آل عمران: ١٩٢].
وقوله تعالى:{إِنَّكَ لَا تُخْلِفُ الْمِيعَادَ}: فإن قالوا: لمَّا وعد ذلك وهو لا يخلفُه، فما معنى السؤال؟
قال الإمام أبو منصور: جوابه من وجوه:
أحدهما: أنه (٣) وعَدَ ذلك وأمَر بالسؤال؛ كما قال:{كَانَ عَلَى رَبِّكَ وَعْدًا مَسْئُولًا}.
والثاني: أن وعد الاستغفار من النبيِّ -صلى اللَّه عليه وسلم- كان مع استغفارٍ يوجد من المذنِب؛
(١) في (ر): "هنا". (٢) في (أ): "وقال إبراهيم رب اغفر لي ولوالدي وللمؤمنين والمؤمنات"، وليست في باقي النسخ، والصواب المثبت. (٣) "أنه" ليس من (أ).