وقال الإمام أبو منصور رحمه اللَّه: وفي ذلك دليلُ لزوم التوحيد باللبِّ؛ إذ صيَّرها آيات لمن له ذلك، وأولُ درجات الآيات أن يعرف منشِئُها وجاعلها آيات (١).
وقوله تعالى:{الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللَّهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَى جُنُوبِهِمْ}، وهو نعتٌ لـ {لِأُولِي الْأَلْبَابِ} و {قِيَامًا}: جمعُ قائم، و {وَقُعُودًا}: جمع قاعد، وهما نصبٌ على الحال، {وَعَلَى جُنُوبِهِمْ} يتضمن قولَه: ومضطجِعين، وهو كقوله تعالى:{دَعَانَا لِجَنْبِهِ أَوْ قَاعِدًا أَوْ قَائِمًا}[يونس: ١٢]؛ أي: دعانا مضطجعًا لجنبه أو قاعدًا أو قائمًا.
وقيل: الذين يصلُّون قيامًا، وقعودًا حالَ عجزهم عن القيام، وعلى جنوبهم بالإيماء حالَ عجزهم عن القعود.
قال رضي اللَّه عنه (٢): وأنا أقول: يحتمِل {قِيَامًا}: حال قيامهم في أمور الشرع على الاستقامة، وحالَ انحرافهم عن الاستقامة بعضَ الانحراف بتردُّد العزيمة، وحال سقوطهم عن القيام (٣) بها بتمام اختيار المعصية.
وقوله تعالى:{يَذْكُرُونَ} قيل (٤): هو الذكر باللسان على هذه الأحوال الثلاث، فإن الإنسان يكون على إحدى هذه الحالات (٥). . . . . .
(١) انظر: "تأويلات أهل السنة" (٢/ ٥٥٧). (٢) الظاهر أن القائل هو المؤلف رحمه اللَّه. (٣) في (أ): "عن الإيمان". (٤) "قيل" ليس من (ف). (٥) بعدها في (ر): "الثلاث".