وترغيبٌ في الآخرة، وبيانٌ أنَّه لم يَخلق ذلك كلَّه ليستعملوها (١) في خلافه والصَّدِّ عن سبيله، بل ليتبلَّغوا بها، ثم المآبُ إلى اللَّه تعالى فلْيستعينوا (٢) بها على ذلك.
وقوله تعالى:{قُلْ أَؤُنَبِّئُكُمْ بِخَيْرٍ مِنْ ذَلِكُمْ}: أي: قل يا محمَّد، أَأُخبركم بما هو خيرٌ مِن جميع ما عدَّدْتُ عليكم مِن المشتهَيات الدنيويَّة، وهذه ألفُ الاستفهام بمعنى استعظامِ ما يخبرهم به، يقول الرجلُ لآخَر (٣): أَلا أُخبرك بما وقع في البلد، ويقال هذا في مهمٍّ.
وقوله تعالى:{لِلَّذِينَ اتَّقَوْا}: أي: الكفرَ والمعاصيَ {عِنْدَ رَبِّهِمْ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَأَزْوَاجٌ مُطَهَّرَةٌ}: قد مرَّ تفسيرُه كلِّه في سورة البقرة (٤)، وهذا كلُّه تفسيرُ قوله تعالى:{وَاللَّهُ عِنْدَهُ حُسْنُ الْمَآبِ}.
و {جَنَّاتٌ} رفعٌ؛ لأنَّه خبرُ اللام في قوله:{لِلَّذِينَ اتَّقَوْا} وقراءةُ الخفضِ على أنَّه بدلٌ مِن قوله: بخير (٥).
وقوله تعالى:{وَرِضْوَانٌ مِنَ اللَّهِ}: ولهم أيضًا رضًا مِن (٦) اللَّه، كما
(١) في (ر): "ليستعملوه". (٢) في (ف): "ليستعينوا". (٣) في (ف): "للآخر". (٤) في هامش (ف): "مر تفسير هذا كله في أول سورة البقرة. نسخة". (٥) انظر: "المختصر في شواذ القراءات" (ص: ٢٦)، ونسبها ليعقوب في رواية، وليست في "النشر". (٦) "من": من (أ).