واقيًا لماله وبخلًا عن شِرَى المذكّى ونحوه، كان تناولُها عدوانًا (١).
قال تعالى:{فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلَا عَادٍ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ}[البقرة: ١٧٣]. قال قتادة والحسن: لا يأكلها من غير اضطرارٍ، ولا يعدو شِبَعَه. وقيل:{غَيْرَ بَاغٍ} غيرَ طالبها وهو يجد غيرَها {وَلَا عَادٍ} أي لا يتعدّى ما حُدَّ له منها فيأكلَ حتّى يشبَعَ، ولكن سدُّ الرَّمَق. وقال (٢) مقاتلٌ: غيرَ مستحلٍّ لها ولا متزوِّدٍ (٣) منها. وقيل: لا يبغي بتجاوز الحدِّ الذي حُدَّ له منها، ولا يتعدّى بتقصيره عن تناوله (٤) حتّى يهلك، فيكون قد تعدّى حدَّ الله بمجاوزته أو التَّقصير عنه، فهذا آثمٌ، وهذا آثمٌ. وقال مسروقٌ: من اضطُرَّ إلى الميتة والدَّم ولحم الخنزير فلم يأكل ولم يشرب حتّى مات دخل النّار (٥). وهذا أصحُّ القولين في الآية.
وقال ابنُ عبَّاسٍ وأصحابُه والشَّافعيُّ: غيرَ باغٍ على السُّلطان ولا عادٍ في سفره، فلا يكون سفرَ معصيةٍ. وبنوا على ذلك أنَّ العاصيَ بسفره لا يترخَّص (٦).
(١) انظر: "الموطأ" (١٤٣٩، ١٤٤٠). و"الإشراف" للقاضي عبد الوهاب (٢/ ٩٢٢) وقد ذكر أنه إحدى الروايتين. (٢) ما عدا ع: "قال" دون الواو قبله. (٣) ما عدا ع: "ولا يتزوَّد"، والمثبت موافق لما في مصدر النقل. (٤) ش: "تناولها"، ونحوه في م ولكن أخشى أنه مغيَّر. (٥) الأقوال المذكورة كلها منقولة من "تفسير البغوي" (١/ ١٨٤). (٦) "تفسير البغوي" (١/ ١٨٣). وانظر: "الأمّ" للشافعي (٢/ ٢٧٧)، و"الحاوي الكبير" (١٥/ ١٦٨).