النَّاسِ} [الحج: ١٨]. فخصَّ هنا بالسُّجود كثيرًا من النّاس، وعمَّهم بالسُّجود في سورة النّحل (١). وهو سجود الذُّلِّ والقهر والخضوع، فكلُّ أحدٍ خاضعٌ لربوبيّته، ذليلٌ لعزّته، مقهورٌ تحت سلطانه.
فصل
في مراتب {إِيَّاكَ نَعْبُدُ} علمًا وعملًا
للعبوديّة مراتب بحسب العلم والعمل.
فأمّا مراتبها العلميّة، فمرتبتان:
أحدُهما: العلم بالله، والثاني (٢): العلم بدينه.
فأمّا العلم به سبحانه، فخمس مراتب: العلم بذاته، وصفاته، وأفعاله، وأسمائه، وتنزيهُه عمّا لا يليق به.
والعلم بدينه مرتبتان. أحدهما: دينه الأمريُّ الشّرعيُّ، وهو صراطه المستقيم الموصل إليه. والثاني (٣): دينه الجزائيُّ المتضمِّن ثوابه وعقابه. وقد دخل في هذا العلمُ بملائكته وكتبه ورسله.
(١) وهو قوله تعالى: {وَلِلَّهِ يَسْجُدُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ مِنْ دَابَّةٍ وَالْمَلَائِكَةُ وَهُمْ لَا يَسْتَكْبِرُونَ (٤٩) يَخَافُونَ رَبَّهُمْ}. وفي ش: "سورة الرعد"، يعني الآية المذكورة من قبل. (٢) "أحدهما ... الثاني" كذا في الأصل وغيره ما عدا ش التي فيها: "إحداهما ... الثاني"، ثم غُيِّر "الثاني" إلى "الثانية". (٣) هنا أيضًا في ش: "إحداهما ... الثاني"، ولم يغيَّر "الثاني".