وهذه الحياة الطّيِّبة تكون في الدُّور الثّلاثة، أعني: دار الدُّنيا، ودار البرزخ، ودار القرار. والمعيشة الضَّنْك أيضًا في الدُّور الثّلاثة، فالأبرار في نعيم هاهنا وهناك، والفجّار في الجحيم هاهنا وهناك، قال تعالى:{أَحْسَنُوا فِي هَذِهِ الدُّنْيَا حَسَنَةٌ وَلَدَارُ الْآخِرَةِ خَيْرٌ وَلَنِعْمَ}[النحل: ٣٠]، وقال:{وَأَنِ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ يُمَتِّعْكُمْ مَتَاعًا حَسَنًا إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى وَيُؤْتِ كُلَّ ذِي فَضْلٍ فَضْلَهُ}[هود: ٣].
فذِكْر الله ومحبّته وطاعته والإقبالُ عليه ضامنٌ لأطيبِ الحياة في الدُّنيا والآخرة، والإعراضُ والغفلة عنه ومعصيته كفيلٌ بالحياة المنغّصة والمعيشةِ الضَّنْك في الدُّنيا والآخرة.
فصل
قال صاحب «المنازل»(١): (اسم الحياة في هذا الباب يُشار به إلى ثلاثة أشياء، الحياة الأولى: حياة العلم من موت الجهل، ولها ثلاثة أنفاسٍ: نَفَس الخوف، ونَفَس الرّجاء، ونَفَس المحبّة).
قوله:(الحياة في هذا الباب)، يريد: الحياة الخاصّة التي يتكلّم عليها القوم دون الحياة العامّة المشتركة بين الحيوان كلِّه، بل بين الحيوان والنّبات. وللحياة مراتب، ونحن نشير إليها:
المرتبة الأولى: حياة (٢) الأرض بالنّبات، قال تعالى: {وَاللَّهُ أَنْزَلَ مِنَ