الأنس به زالتْ عنه تلك التّكاليف والمشاقُّ، وصارتْ قرّةَ عينٍ له وقوّةً ولذّةً. فتصير الصّلاة قرّةَ عينه، بعدَ أن كانتْ حِمْلًا عليه، ويستريح بها بعدَ أن كان يطلب الرّاحة منها. فله ميراثٌ من قوله (١): «أَرِحْنا بالصّلاة يا بِلالُ»(٢) و «جُعِلتْ قرّةُ عيني في الصّلاة»(٣) بحسب إرادته ومحبّته، وأنسِه بالله ووحْشَتِه ممّا سواه.
وأمّا السّير بين القبض والبسط، فالقبض والبسط حالتان تعرضان لكلِّ سالكٍ، يتولّدانِ من الخوف والرّجاء تارةً، فيقبضه الخوف، ويبسطه الرّجاء.
وقد يهجُم على قلب السّالك قبضٌ لا يدري ما سببه، وبَسْطٌ لا يدري ما سببه. وحكمُ صاحبِ هذا القبض أمران:
(١) «قوله» ليست في ش، د. (٢) أخرجه أحمد (٢٣٠٨٨)، وأبو داود (٤٩٨٥) من حديث رجل من الصحابة لم يُسَمَّ، وإسناده صحيح. وللحديث طرق أخرى معلولة، انظر: «علل الدارقطني» (٤/ ١٢٠ - ١٢٢). (٣) أخرجه أحمد (١٢٢٩٣، ١٢٢٩٤)، والنسائي (٣٩٤٠) وغيرهما من حديث أنس - رضي الله عنه -، وصححه الحاكم (٢/ ١٦٠)، وقال الذهبي في «الميزان» (٢/ ١٧٧): إسناده قوي. وحسَّنه الحافظ ابن حجر في «التلخيص» (٣/ ١٣٣، ١٣٤).