وقيل: هو لهيبٌ ينشأ بين أثناء الحشا، يَسنَحُ عن الفرقة. فإذا وقع اللِّقاء طَفِئَ (١).
قلت: هذه مسألة نزاعٍ بين المحبِّين، وهي أنّ الشّوق هل يزول باللِّقاء أم لا (٢)؟ ولا يختلفون أنّ المحبّة لا تزول.
فمنهم من قال: يزول باللِّقاء، لأنّ الشّوق هو سفَرُ القلب إلى محبوبه، فإذا قدِمَ عليه ووصلَ إليه صار مكانَ الشّوق قرّةُ عينه به، وهذه القُرَّة تجامع المحبّةَ ولا تنافيها.
قال هؤلاء: وإذا كان الغالب على القلب مشاهدة المحبوب لم يَطْرُقْه الشّوق.
وقيل لبعضهم: هل تشتاق إليه؟ فقال: لا، إنّما الشّوقُ إلى غائبٍ، وهو حاضرٌ (٣).
وقالت طائفةٌ: بل يزيد الشّوقُ بالقرب والوصول ولا يزول، لأنّه كان قبل الوصول على الخبر والعلم، وبعده قد صار على العيان والشُّهود. ولهذا قيل (٤):
(١) المصدر نفسه (ص ٦٦٦). (٢) تكلم عليها المؤلف في «روضة المحبين» (ص ٥١، ٥٢). (٣) «الرسالة القشيرية» (ص ٦٦٦)، و «إحياء علوم الدين» (٤/ ٣٣٩). ونحوه في «قوت القلوب» (٢/ ٦٤) عن أبي عاصم الشامي. (٤) البيت بلا نسبة في «الرسالة القشيرية» (ص ٦٦٨)، و «روضة المحبين» (ص ٥١، ٥٨٩). وهو لإسحاق الموصلي في «الأغاني» (٥/ ٣٥٨) و «الأمالي» للقالي (١/ ٥٥)، ورواية الشطر الثاني: إذا دنت الديار من الديارِ