ومن منازل {إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ}: منزلة الأنس بالله.
قال صاحب «المنازل» - رحمه الله - (١): (وهو روحُ القُرب). ولهذا صدَّر منزلته بقوله تعالى: {(١٨٥) وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ} [البقرة: ١٨٦].
فاستحضارُ القلب هذا البرَّ واللُّطف والإحسانَ يُوجِب قربَه من الرّبِّ تعالى، وقربُه منه يوجب له الأنسَ، والأنسُ ثمرة الطّاعة والمحبّة. فكلُّ مطيعٍ مستأنسٌ، وكلُّ عاصٍ مستوحشٌ، كما قيل (٢):
فإن كنتَ قد أوحشَتْك الذُّنوب ... فدَعْها إذا شئتَ واستأنس
والقرب يوجب الأنس والهيبة والمحبّة.
قال صاحب «المنازل» - رحمه الله - (٣): (وهو على ثلاث درجاتٍ، الدّرجة الأولى: الأنس بالشّواهد، وهو استحلاء (٤) الذِّكر، والتّغذِّي بالسّماع، والوقوف على الإشارات).
هذه اللّفظة يُجرونَها (٥) في كلامهم ــ أعني لفظة «الشّواهد» ــ ومرادهم