والفسوقُ الذي تجب التَّوبةُ منه أعمُّ من الفسق الذي تُرَدُّ به الرِّوايةُ والشَّهادةُ. وكلامنا الآن فيما تجب التَّوبة منه. وهو قسمان: فسقٌ من جهة العمل، وفسقٌ من جهة الاعتقاد.
ففسقُ العمل نوعان: مقرونٌ بالعصيان، ومفردٌ.
فالمقرونُ بالعصيان: هو ارتكابُ ما نهى الله عنه. والعصيانُ: هو عصيانُ أمره، كما قال تعالى:{لَا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ}[التحريم: ٦]. وقال موسى لأخيه: {مَا مَنَعَكَ إِذْ رَأَيْتَهُمْ ضَلُّوا (٩٢) أَلَّا تَتَّبِعَنِ (١) أَفَعَصَيْتَ أَمْرِي} [طه: ٩٢]. وقال الشَّاعر:
فالفسقُ أخصُّ بارتكاب النَّهي، ولهذا يطلق عليه كثيرًا، كقوله:{وَإِنْ تَفْعَلُوا فَإِنَّهُ فُسُوقٌ بِكُمْ}[البقرة: ٢٨٢]. والمعصيةُ أخصُّ بمخالفة الأمر كما تقدَّم. ويطلَق كلٌّ (٤) منهما على صاحبه، كقوله تعالى:{وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلَائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ كَانَ مِنَ الْجِنِّ فَفَسَقَ عَنْ أَمْرِ رَبِّهِ}
(١) هكذا في النسخ على قراءة أبي عمرو ونافع وصلًا. (٢) ما عدا الأصل: "جازمًا"، تصحيف. (٣) للحضين بن المنذر الرَّقَاشي مع بيت آخر في "الوحشيات" (ص ٥٧) و"حماسة البحتري" (ص ١٧٣) و"تاريخ الطبري" (٦/ ٣٩٦). وقد استشهد المؤلف بصدر البيت في "الفوائد" (ص ١٧٦). (٤) ش: "كل واحد".