فصل
قال الشيخ (١): «ليس في المقامات شيءٌ فيه من التفاوت ما في الانفصال».
يعني: أنَّ بين درجات المقامات تناسب (٢) واختلاف قريب (٣)، ومقام الانفصال قليل التناسب في درجاته كثيرُ التفاوت، كما سنذكره.
قال (٤): (ووجوهه ثلاثة. أحدها: انفصالٌ هو شرط الاتِّصال، وهو الانفصال عن الكونين بانفصال نظرك إليهما، وانفصالِ توقُّفك عليهما، وانفصالِ مبالاتك بهما).
يعني: أنَّ انفصال العبد عن رسومه بالفناء هو شرط اتِّصال وجوده بالبقاء، فلا ولاءَ إلا ببراءٍ (٥): لا ولاءَ لله ورسوله إلَّا بالبراء ممَّا يضادُّ ذلك ويخالفه. وقد قال إمام الحنفاء لقومه: {إِنَّنِي بَرَاءٌ مِمَّا تَعْبُدُونَ (٢٦) إِلَّا الَّذِي فَطَرَنِي} [الزخرف: ٢٦ - ٢٧]. وقال الفتية: {وَإِذِ اعْتَزَلْتُمُوهُمْ وَمَا يَعْبُدُونَ إِلَّا اللَّهَ} [الكهف: ١٦]، أي: فلم تعتزلوه.
وهذه العبارة التي ذكرها الشيخ في بادئ الرأي لا تخلو عن إنكارٍ حتَّى
(١) «المنازل» (ص ١٠٠).(٢) كذا، والجادة النصب.(٣) ر: «يسير».(٤) «المنازل» (ص ١٠٠).(٥) في ت وُضعت إشارة لحذف «ولاء إلا ببراء».
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://mail.shamela.ws/page/contribute