وكذلك قال إبراهيم لقومه، وقد خوّفوه بآلهتهم فقال:{وَلَا أَخَافُ مَا تُشْرِكُونَ بِهِ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ رَبِّي شَيْئًا وَسِعَ رَبِّي كُلَّ شَيْءٍ عِلْمًا أَفَلَا}[الأنعام: ٨٠]. فردَّ الأمر إلى مشيئة الله وعلمه.
وقد قال تعالى:{أَفَأَمِنُوا مَكْرَ اللَّهِ فَلَا يَأْمَنُ مَكْرَ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْخَاسِرُونَ}[الأعراف: ٩٩].
وقد اختلف السّلف: هل يُكره أن يقول العبد في دعائه: اللهمّ لا تُؤمِنِّي مَكْرَك؟
فكان بعض السّلف يدعو بذلك، ومراده: لا تَخذُلْني حتّى آمَنَ مكْرَك ولا أخافه.
وكرهه مُطرِّف بن عبد الله بن الشِّخِّير. قال الإمام أحمد (١): حدّثنا عبد الوهّاب عن إسحاق عن مُطرِّفٍ أنّه كان يكره أن يقول: اللهمّ لا تُنسِني ذكْرَك، ولا تُؤمِنِّي مَكْرَك. ولكن أقول (٢): اللهمّ لا تُنسِني ذكْرَك، وأعوذ بك أن آمَنَ مكْرَك، حتّى تكون أنت تُؤمِنِّي.
وبالجملة: فمن أُحيلَ على نفسه فقد مُكِرَ به.
قال الإمام أحمد (٣): حدّثنا أبو سعيدٍ (٤) مولى بني هاشمٍ، حدّثنا
(١) في كتاب «الزهد» له (١٣٦٢). (٢) كذا في النسخ. وفي كتاب «الزهد»: «يقول». (٣) في «الزهد» (١٣٦٨). وأخرجه أيضًا ابن المبارك في الزهد (٢٩٨)، ومن طريقه أبو نعيم في «الحلية» (٢/ ٢٠١)، وابن عساكر في «تاريخ دمشق» (٥٨/ ٣٠٨) بنحوه. (٤) «أبو سعيد» ليست في ش، د. وهي في «الزهد» و ر، ت.