ومن منازل {إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ}: منزلة الحكمة.
قال الله تعالى:{يُؤْتِي الْحِكْمَةَ مَنْ يَشَاءُ وَمَنْ يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْرًا كَثِيرًا}[البقرة: ٢٦٩]. وقال:{وَأَنْزَلَ اللَّهُ عَلَيْكَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَعَلَّمَكَ مَا لَمْ تَكُنْ تَعْلَمُ وَكَانَ فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكَ عَظِيمًا}[النساء: ١١٣]. وقال عن المسيح عليه السّلام:{وَيُعَلِّمُهُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَالتَّوْرَاةَ وَالْإِنْجِيلَ}[آل عمران: ٤٨].
الحكمة في كتاب الله نوعان: مفردةٌ، ومقرونةٌ (١) بالكتاب. فالمفردة فُسِّرت بالنُّبوّة، وفُسِّرت بعلم القرآن. قال ابن عبّاسٍ - رضي الله عنهما -: هي علم القرآن ناسخه ومنسوخه، ومحكمه ومتشابهه، ومقدَّمه ومؤخَّره، وحلاله وحرامه، وأمثاله (٢).
وقال الضّحّاك: القرآن والفهم فيه (٣).
وقال مجاهدٌ: هي القرآن والعلم والفقه (٤). وفي روايةٍ أخرى عنه: هي الإصابة في القول والفعل (٥).
(١) ل: «ومقترنة». (٢) أخرجه الطبري في «تفسيره» (٥/ ٨)، وابن أبي حاتم في «تفسيره» (٢/ ٥٣١). والمؤلف صادر عن «تفسير البغوي» (١/ ٢٥٦)، ومنه نقل الأقوال الآتية. (٣) «تفسير البغوي» (١/ ٢٥٦). وهو مروي عن أبي العالية في «تفسير الطبري» (٥/ ٩). (٤) أخرجه الطبري (٥/ ٩)، وابن أبي حاتم (٢/ ٥٣١) وغيرهما. (٥) أخرجه الطبري (٥/ ١٠)، وابن أبي حاتم (٢/ ٥٣٢).