يطّلع عليه الكرام الكاتبون! فقد قال النّبيُّ - صلى الله عليه وسلم -: "إذا زنت أمَةُ أحدكم، فليُقِمْ عليها الحدَّ ولا يثرِّبْ"(١). أي لا يعيِّرْ، من قول يوسف لإخوته:{لَا تَثْرِيبَ عَلَيْكُمُ الْيَوْمَ}[يوسف: ٩٢]. فإنَّ الميزانَ بيد الله، والحكمُ لله، والسَّوطُ (٢) الذي ضُرِب به هذا العاصي (٣) بيد مقلِّب القلوب، والقصدُ: إقامةُ الحدِّ لا التّعيير والتّثريب.
ولا يأمن كرَّاتِ القدر وسطواتِه إلّا أهلُ الجهل بالله. وقد قال تعالى لأعلم الخلق (٤)، وأقربهم إليه وسيلةً: {(٧٣) وَلَوْلَا أَنْ ثَبَّتْنَاكَ لَقَدْ كِدْتَ تَرْكَنُ إِلَيْهِمْ شَيْئًا} [الإسراء: ٧٤]. وقال يوسف الصِّدِّيق:{وَإِلَّا تَصْرِفْ عَنِّي كَيْدَهُنَّ أَصْبُ إِلَيْهِنَّ وَأَكُنْ مِنَ الْجَاهِلِينَ}[يوسف: ٣٣]. وكان عامّةُ يمين رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "لا، ومقلِّبِ القلوب"(٥). وقال:"ما من قلبٍ إلّا وهو بين إصبَعين من أصابع الرّحمن، إن شاء أن يقيمه أقامه، وإن شاء أن يُزيغه أزاغه". ثمّ قال:"اللهمَّ مقلِّبَ القلوب ثبِّت قلوبنا على دينك"(٦)، "اللهمَّ مصرِّفَ القلوب صرِّف
(١) أخرجه البخاري (٢٢٣٤) ومسلم (١٧٠٣) من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه -. (٢) ع: "فالسوط". (٣) ج: "أهل المعاصي". (٤) بعده في ع زيادة: "به". (٥) أخرجه البخاري (٦٦١٧) من حديث ابن عمر - رضي الله عنهما -. (٦) أخرجه أحمد (١٧٦٣٠) والنسائي في "الكبرى" (٧٦٩١) وابن ماجه (١٩٩) وابن أبي عاصم في "السنة" (٢٢٦ - نشرة الجوابرة) وعبد الله بن أحمد في "السنة" (١٢٠٢) والطبري في "تفسيره" (٥/ ٢٣١) وغيرهم من حديث النواس بن سمعان - رضي الله عنهما -. والحديث صحيح، صححه ابن خزيمة في "التوحيد" (١٣٢) وابن حبان (٩٤٣) والحاكم (١/ ٥٢٥، ٤/ ٣٢١) والألباني في "ظلال الجنة" (٢١٩).